وما وصفه زيد بن ثابت ﵁ من أن فخذه كادت تُرَضّ برهان قاطع على أن روحه ﷺ تنسرح من جسمه ساعة الوحي فيثقل الجسم؛ لأنه إنما يخف بالروح وتبقى وظائف الحياة عاملة أعمالها بعسر وبطء؛ لاتصالها بشعاع من الروح دون الروح بجملتها؛ ولسنا هنا بصدد الكلام عن الوحي، فله موضع إن شاء الله في كتابنا "أسرار الإعجاز" (١).
وإنما نريد أن ندلَّ على أن هذه التهيئة الإلهية لذلك الجهاز العصبي لها أثرها العظيم في فن بلاغته ﷺ، وبها امتاز عن كل بلغاء الدنيا؛ فإن الملهم من أفذاذ العبقريين على هذه الأرض إنما يبلغ ما يبلغه ببعض هذا الذي رأيت، وفي بعض هذا أبدع ما ورثت الدنيا من فنون البيان، وكأن في الدماغ مادة في موضع منه يميز بها من تختارهم السماء لحكمتها