رَأْسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ، فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ وَهُوَ يَغِطُّ» (١)، أي: يردد نفسه من شدة ثقل الوحي.
فهذه كلها أحوال تصف عمل الدماغ بكل ما فيه من جهد القوى العصبية؛ ليرتفع بالحياة إلى ما فوقها ويتركها لوعي الروح وحدها، لا يشاركها في هذا الوعي فكر ولا هاجس، ولا يتصل به شيء من حياة الحي؛ فيتحقق للنبي ﷺ وجود آخر غير وجوده المحدود بجسمه وطباعه ودنياه؛ ويخرج بوعيه من هذه الجاذبية الأرضية إلى ما وراء حدود الطبيعة من قوى الغيب؛ وبذلك يتلقى عن روح الكون، ثم يفصم عنه وقد وعى ما أُوحي إليه.