فصل روى أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه، دل على أن ذلك لا ينقض الوضوء، وهو قول الناصر للحق وأتباعه، وذهبت القاسمية إلى أن الفصد والحجامة بعد الوضوء ينقضان الوضوء، ووجه قولهم ما تقدم في الخبر الأول أو دم سائل يرجح الخبر الأول أن استناده إلى قضية العقل لا يكسبه ضعفا بل يكسبه قوة؛ لأنه دل على بطلان الحكم العقل والشرع؛ ولأنه خاص لدم الحجامة دون سائر الدماء فوجب بناء العام على الخاص، ويرجح الخبر الثاني أنه ناقل عن حكم العقل فأفاد حكما شرعيا فجرى مجرى الناسخ فكان أولى، وهو موضع نظر، ومنها:
(خبر) عن علي عليه السلام أنه قال: ما أبالي مسست أنفي أو ذكري أو أذني، وهذا القول هو الظاهر لي من قول علماء أهل البيت عليهم السلام، وهذا القول مروي عن علي عليه السلام، وعن ابن عباس، وعمار بن ياسر، وابن مسعود، وحذيفة، وعمران بن الحصين، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم.
قال القاضي زيد: ولم يرو خلافه عن أحد من الصحابة فكان إجماعا منهم، وقال: وما روي عن ابن عمر أن الوضوء من مس الذكر فلم يرو أنه كان يوجبه فلا يجب أن نثبته مخالفا لسائرهم.
فأما ما رواه مخالفونا أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني نلت من امرأتي كل ما ينال الرجل من المرأة غير الجماع؟ فقال: توضأ وصل، فهو متأول عندنا على أنه قد خرج منه مذي، وذلك يوجب نقض الوضوء على أنه معارض بأخبار هي أجلى وأشهر، وأقوى وأكثر، منها:
(خبر) روي عن عائشة أنها قالت: قبلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يحدث وضوءا.
(خبر) وروي عنها أنها قالت: قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، قال عروة: وهل هي إلا أنت فضحكت.
(خبر) وعن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبلها وهو صائم ثم لا يفطر ولا يحدث وضوءا.
Страница 43