قال الشيخ علي بن بلال: إذا اعتقد بلقبه فعل كبيرة انتقض وضوؤه، تخريجا معناه إذا عزم على فعل كبيرة انتقض وضوؤه، تخريجا على أصل القاسم ويحيى، وهذه المسألة قد اختلف فيها المتكلمون بعد أن أجمعوا على أن العزم على الكفر والفسق إذا شارك المعزوم فيما لأجله كان كفرا أو فسقا فإنه كفر أو فسق، وإذا لم يشاركه فيما لأجله كان كفرا أو فسقا فإنه لا يكون كفرا ولا فسقا وهو اختيار المؤيد بالله، والذي يدل على صحة ما خرجوه على مذهب القاسم والهادي وهو أن العزم على الكبيرة يكون كبيرة، وهو قول الناصر للحق، قول الله تعالى:{إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين، ولا يستثنون، فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون، فأصبحت كالصريم}[القلم:17-20] يعني كالليل لشدة سوادها؛ لأنه تعالى خسف بها إلى آخر الآيات، ووجه دلالتها أن الله تعالى عاقبهم على مجرد العزم فإنهم لما عزموا على منع المساكين من حقهم وكان لهم ما سقط من الأض من السنبل وقت حصاد أهله، فلما انطلقوا عازمين على منعهم من حقهم كما قال الله تعالى:{فانطلقوا وهم يتخافتون، أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين...}[القلم:23-24]الآيات، عاقبهم الله تعالى على مجرد عزمهم على المنع قبل وصولهم إلى جنتهم فخسف بها فصارت كالليل الأسود، دل على أن العزم على الكبيرة كبيرة لولا ذلك لما عاقبهم وهو عذاب حقيقة، لقول الله تعالى:{كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}[القلم:33] وهذه الجنة كانت ما بين صنعاء وبين شوابة، وهي اليوم ظاهرة سوداء على أميال من صنعاء، وعلى مسافة من شوابة، فدل ذلك على صحة ما ذكرناه.
فصل
وعند أئمتنا عليهم السلام أن الوضوء لا ينقضه مس الفرجين ولا مس المرأة؛ وذلك لأن حاجة الناس إليه عامة، والبلوى به دائمة، فلو كان يجب الوضوء من مسه شرعا ثابتا مستقرا لنقل نقلا متواترا مستفيضا، ولو نقل كذلك لما خفي على جل الصحابة وكبرائهم على ما نعين أسماؤهم فيما بعد إن شاء الله تعالى، فلما خفي على هؤلاء دل على أنه لم ينقل نقلا مستفيضا فلا يصح إثباته.
وأما ما احتج به مخالفونا في ذلك فيما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ وضوء الصلاة)) وبما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا مست المرأة فرجها توضأت)) فهذان الخبران ضعيفان واهيان مطعون على روايتهما، وهما معارضان بأخبار صحيحة الإسناد كثيرة، منها:
(خبر) وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل في مس الذكر وضوء فقال: ((لا)).
ومنها: (خبر) ولما سأله رجل عن مس الذكر بعدما توضأ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((وهل هو إلا بضعة منك)) وفي خبر آخر ((هل هو إلا جذوة منك)) رويناه -بالجيم مكسورة والذال معجمة من أعلى- وروينا في خبر آخر وهل هو إلا حذية منك -بالحاء غير معجمة مكسورة وبالذال معجمة من أعلى وبالياء معجمة باثنتين من أسفل- ورويناه أيضا حذوة منك -بالحاء مضمومة غير معجمة وبالذال معجمة من أعلى-.
فائدة
البضعة -بفتح الباء معجمة بواحدة من أسفل وسكون الضاد معجمة- هي القطعة من اللحم، والحذية -بالحاء غير معجمة وهي مكسورة وسكون الذال معجمة بواحدة من أعلى- القطعة من اللحم، والحذية بالحاء والذال كما تقدم والياء معجمة باثنتين من أسفل- القطعة من اللحم.
Страница 42