فعسى أن يقولوا إن الشعاع إذا تردد طالت مسافته فرأى كل مرة أصغر ففارق الأول الثانى بالصغر، فيجب أن يكون أولا الخطوط الشعاعية إذا تراكمت لا تكون كخط واحد أغلظ وأقوى من الأول، بل تبقى خطوطا معطوفة موضوعة بعضها بجنب بعض محفوظة القوام لا تتحد، وهذا الحكم عجيب، وبعد ذلك فإنهم لا يجدون للتصغر بالبعد المنعرج من تحدد الزاوية ما يوجد للبعد المستقيم، ثم ما يقولون فى ذلك المرئى بعينه فإنه إذا بوعد به أضعاف ما تقتضيه المساحة بين الانعكاسات لم ير بذلك الصغر، مثلا إنه إذا انعكس البصر من مرآة ا إلى مرآة ب فرأى صورة ب فى مرآة ا ثم انعكس البصر من مرآة ب إلى مرآة ا فرأى صورة ا فى مرآة ب، ثم انعكس البصر من مرآة ا إلى مرآة ب فرأى صورة ب، ثم كذلك رأى صورة ا فى مرآة ب، والبعد بينهما شبران، فيجب أن يكون ما قطعه الشعاع من مسافته المنعرجة ما بين العين وإحدى المرآتين ثمانية أشبار، ولو أنا بعدنا مرآة ب عن مركزها عشرة أشبار فما فوقها لم نكن نراها بذلك الصغر، على أن العجب فيما ذكرناه هو من افتراق الصورة المأخوذة عن الشىء بذاته والمأخوذة عنه بالعكس والمأخوذة عنه بعكسين، فإن جميع ذلك متفرق عند البصر، والصورتان المأخوذتان هما عن مادة واحدة فى قابل واحد، فبماذا تفترقان؟ لأن افتراق الصور إما بالحدود والمعانى وإما فى القوابل، والصورتان معنياهما واحد وحاملهما الأول واحد وقابلهما الثانى واحد، فيجب ألا تكونا إثنين، أما على مذهبنا فإن هذه الشناعة غير لازمة لأن الصورتين عندنا مأخوذتان عن قابلين أحدهما حاملهما الأول والثانى الجسم الصقيل القابل لشبحهما نوعا من القبول والفاعل لصورهما فى العين نوعا من الفعل، ثم العجب من أمر الشعاع بعد الشعاع فإنه إن كان الأمر على ما قلنا من أن الشعاع الثانى لا يجب أن ينفذ فى الأول بل يماسه من خارج فكيف يلامس الشعاع المنعكس المرئى فيراه وإنما يلامس ما غطاه من لامسه السابق، فإن كان يرى ما رآه ذلك بحسب الانفعال منه وقبول ما قبله بسبب الاتصال به بطلت شريطة الانفعال على الزاوية المعينة وكان أيضا إنما أدرك ما أدرك الأول لا شيئا غيره بالعدد بوجه من الوجوه، وإن كان كل يلامس شيئا من أجزاء الشىء غير ما يلامسه الآخر فليس ولا واحد منهما بمستقصى الإدراك ولا إدراكهما لشىء واحد،
فصل 7 (فى حل الشبه التى أوردوها وفى إتمام القول فى المبصرات التى لها أوضاع مختلفة من مشفات ومن صقيلات)
Страница 141