فإذن إن كان هاهنا سبب فليس وقوع شعاعين على واحد مطلقا بل بشرط، وهو أن أحد الشعاعين وقع عليه وحده، والشعاع الثانى وقع أيضا معه على غيره، وهذا القسم يبطل بمرآتين توضعان متقابلتين فإن الأشعة لا تفترق فيهما من هذه الجهة بل كل شعبوب شعاع فهو واقع على الإثنين جميعا، ومع ذلك فإن البصر يرى كل مرآة وشبحها دفعة، والشعاعان هاهنا لا يفترقان، فلا يجوز أن يؤدى شعاع شبحا والآخر غير ذلك الشبح، فإن كل واحد منهما أدرك ما أدرك الآخر والمدرك واحد، فيجب أن لا يكون الإدراك والأداء إثنين بل يجب أن يأتى البصر صورة كل مرآة مرة غير مكررة، وإن تكررت بسبب العكس وكان لذلك وجه وعذر متكلف لنسامح فى تسليمه، فلا يجب أن يقع تكرار بعد تكرار، فما بال كل واحدة من المرآتين يتأدى عنها أشباح كثيرة حتى ترى المرآة الواحدة مرارا كثيرة، مرة واحدة ترى نفسها كما هى ومرارا كثيرة جدا شبحها، فإن قلنا إن الشعاع لما انعكس من هذه المرآة إلى الأخرى رأى الأخرى فى هذه المرآة، ثم لما انعكس مرة أخرى إلى الأولى رأى الأولى فى هذه الأخرى فإذا انعكس مرة أخرى فلم لا يرى كما رآة مرة أولى؟ إلا أن يقولوا إن الأول رآه بجزء والآخر رآه بجزء آخر، فإن كانت الأجزاء مؤدية لا رائية فليس تؤدى أشياء أخرى بل ذلك الشبح بعينه، واختلاف وقوعها عليه بعد كونه واحدا بعينه لا يوجب اختلافا فى الرؤية، فقد بينا ذلك أيضا، فإن عندهم أن أجزاء المنعكس تجتاز على المبصر المنعكس عنه اجتيازا فيجب أن تتبدل صورته فى تلك الأجزاء، ومع ذلك فليس يجب من تبدلها عليه أن تزيد فى عدد ما تدرك أولا وثانيا إذ كان ما تؤدى من الصورة واحدا، وإن كانت الأجزاء بأنفسها رائية وجب ما قلنا فى امتناع رؤية الشبح المنعكس إليه فى شبح المنعكس عنه ثم لم يجب أن ترى الأشباح عن قليل وقد صغرت،
Страница 139