بل هذا الوجه باطل، وإنما يرى الماء مصبوغا كله لأحد الأمرين، إما لأن كل واحد من أجزاء الماء وأجزاء الزعفران من الصغر بحيث لا يدركه الحس متميزا، وذلك لا يمنع أن يكون أحدهما أكثر كثيرا جدا من الآخر لأن الجسم ينقسم إلى غير النهاية، فيمكن أن يكون جزء من الماء هو ألف ضعف جزء من الزعفران وهو مع ذلك فى الصغر بحيث لا يحس مفردا فإذا كان كذلك لم يكد البصر يفرق بين أجزاء الزعفران وبين أجزاء الماء فيرى منهما صبغا واحدا شائعا بين الأحمر والشاف، فهذا وجه، وإما أن تكون الأجزاء المحسوسة من الزعفران ليست على أوضاع متسامتة متوازية، بل إذا حصل بين جزئين من ترتيب على جزء من الماء محسوس القدر فإن أجزاء أخرى من تحت تقع مواقع لو رفعت لغطت سطحا مع الأول، فيكون بعضها يرى لأنه فى السطح الأعلى وبعضها يرسل شبحه إلى السطح الأعلى فتتوافى الأشباح بصبغ واحد إذ الماء يؤدى لون كل واحد منها لإشفافه، فيرى الجميع متصلا فى سطح واحد ويتخيل مستوليا على الماء، ولا يكون، ويصحح هذا القول قلة ما يرى من الصبغ فى الرقيق الذى لا ثخن له، وكثرة ما يرى فى الكثيف العميق، وإن كانت النسبة متشابهة وكان نسبة الزعفران الذى فى الرقيق إلى الرقيق كنسبة الزعفران الذى فى العميق إلى العميق، فعلى هذين الوجهين يمكن أن يستولى القليل على الكثير، وأما فى الحقيقة فإن القليل لا يستولى على الكثير بالكمية بل عسى بالكيفية المحيلة، هذا،
Страница 128