إلى غايته، ومنه منصة العروس لأنها ترفع إلى غايتها اللائقة بالعروس، ومنه نصت الظبية جيدها إذا رفعته. فمن لاحظ هذا المعنى سمى به القسم الأول فإن دلالته أقوى الدلالات، ومن لاحظ أصل الظهور والارتفاع سمى به المعنى الثالث، ومن توسط بينهما سمى به القسم المتوسط، والقسم الأول هو أولى بهذا الاشتقاق لوجود ارتفاع الدلالة إلى غايتها وهو الذي يجعل قبالة الظاهر.
فإذا قلنا اللفظ إما نص أو ظاهر فمرادنا القسم الأول، وأما الثالث فهو غالب الألفاظ
وهو غالب استعمال الفقهاء، يقولون: نص مالك على كذا أولنا في المسألة النص والمعنى، ويقولون: نصوص الشريعة متظافرة بذلك. وأما القسم الثاني فهو كقوله تعالى: «اقتلوا المشركين (١)»، فإنه يقتضي قتل اثنين جزمًا فهو نص في ذلك مع احتماله لقتل جميع المشركين.
والظاهر هو المتردد بين احتمالين فأكثر هو في أحدهما أرجح، والمجمل هو المتردد بين احتمالين فأكثر على السواء، ثم التردد قد يكون من جهة الوضع كالمشترك وقد يكون من جهة العقل كالمتواطئ بالنسبة إلى أشخاص مسماة نحو قوله تعالى: «وآتوا حقه يوم حصاده (٢)» فهو ظاهر بالنسبة إلى الحق مجمل بالنسبة إلى مقاديره.
الظاهر من الظهور وهو العلن، فاللفظ متى رجح في احتمال من الاحتمالات قلت أو كثرت سمي ذلك اللفظ ظاهرًا بالنسبة إلى ذلك المعنى، كالعموم بالنسبة إلى الاستغراق، فإن اللفظ ظاهر فيه دون الخوض، وكذلك كل لفظ ظاهر في حقيقته دون مجازاته، والمجمل مأخوذ من الجّمْل وهو الخلط ومنه قوله ﵇ «لعن الله اليهود حُرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا أثمانها» أي خلطوها بالسبك. ومنه العلم الإجمالي إذا اختلط فيه المعلوم بغير المعلوم، واللفظ
_________
(١) ٥ التوبة.
(٢) ١٤١ الأنعام.
1 / 37