الجزئي لا يكاد ينفك عنها، وبه حصل الجواب عن
القاعدة العقلية: أن اللفظ الموضوع لمعنى أعم لا يدل على ما هو أخص منه؛ فإن الدلالة لم تأت من اللفظ وإنما أتت من جهة حصر الواقع المسمى في ذلك الأخص.
إذا تقرر الجواب عن حجم وظهر بالبرهان أن مسماها كلي لا جزئي فأعين مسمياتها، فأقول: مسمى مضمرات المتكلم وهي أنا ونحن وإياي وإيانا وقمت وقمنا وأكرمني وأكرمنا وعملي ولي: مفهوم المتكلم بها كائنًا من كان، ومسمى ضمائر المخاطب وهي نحو: قمتَ وأنتَ وأنتِ مفهوم المخاطب بها كائنًا من كان، ومسمى مضمرات الغائب وهي: هو وهي ونحوها مفهوم الغائب كائنًا من كان.
فإن قلت فهل تقول: إن لفظ الغائب ولفظ المضمرات الموضوعة للغيبة لمعنى واحد فيكونان مترادفين، أو تقول هما لمعنيين فيكونان متباينين؟ .
قلت: بل أقول إنهما لمعنيين وإنهما متباينان؛ لأن لفظ الغائب موضوع لمعلوم موصوف بالغيبة، والمضمرات الخاصة موضوعة لمعلوم موصوف بالغيبة يقيد الاختصار والإيجاز في التعبير عنه، وبهذا القيد صار مسمى المضمر أخص من مسمى لفظ الغائب فهما متباينان لا مترادفان، ولذلك يجوز استعمال لفظ الغائب ابتداءً من غير أن يكون للعقل بمسماه شعور، ولا يجوز في المضمر حتى يكون للذهن به شعور بتقدم لفظ أو سياق أو غيرهما، ولا يجوز مع لفظ المضمر النعت ويجوز مع لفظ غائب، إلى غير ذلك من الأحكام الدالة على التباين.
والنص فيه ثلاثة اصطلاحات، قيل: ما دل على معنى قطعًا ولا يحتمل غيره قطعًا كأسماء الأعداد، وقيل: ما دل على معنى قطعًا وإن احتمل غيره كصيغ الجموع في العموم فإنها تدل على أقل الجمع قطعًا وتحتمل الاستغراق، وقيل: ما دل على معنى كيف ما كان وهو غالب استعمال الفقهاء.
النص أصله في اللغة وصول الشيء إلى غايته، ومنه قوله في الحديث «كان رسول الله ﷺ يسير العنق فإذا وجد فجوة نص» أي رفع السير
1 / 36