يا قانِعًا بالدُّون من عيشهِ ... حتى متى تُصبحُ محزونا
فحركت أشرس ذا مرّةٍ ... من بعد ثنتين وخمسينا
إنْ كنتُ قصَّرتُ ولم أجتهدْ ... في طلب الرزق فلومينا
وأيُّ بابٍ يُرتجى فتحُهُ ... وما قرعناهُ بأيدينا
ما قصَّرَ السعي ولكنها ... مقادرٌ جاريةٌ فينا
فرفع قصته إلى مَنْ أمر بقتله؛ فأمر بإطلاقه، وصفح عنه.
خرج الوزير نظام الملك أبو الحسن علي إلى الصلاة فجلس قليلا ثم التفت إلى الحاضرين، وقال: هنا بيت شعر أريد له أولا، وهو: (من الكامل)
فكأنني وكأنه وكأنها ... أمل ونيل حال بينهما القضا (١)
وكان في الجماعة أبو القاسم مسعود بن محمد الخجندي الشافعي، فقال:
أفدي حبيبًا زارني مُتنكرًا فبدا الوشاة له فولّى مُعرضا (٢)
/ رجعنا إلى كلام الناظم، فهو يقول: إنّ الدهر يعكس مأموله، فهو دائما في [٢٣ ب] الحضيض الأسفل عما يرومه ويختاره.
قال الشارح: وقد خطر لي أن أردّ على الطغرائي ما قاله من أنّ الدهر يعكس آماله على وزن القصيدة اللامية: (من البسيط)
تقولُ يعكسُ آمالي وأنتَ كما علمت في عالمٍ في التربِ مُستفلِ
أمَا ترى الشمسَ تلقى عكس مقصدها ... في كل يومٍ ولولا ذاك لم تفلِ (٣)
قال: وكنتُ نظمتُ قبل هذا: (من السريع)
لا يعجب المرءُ لِعكسِ المُنَى ما فكرهُ في مثل ذا نافعِ
فالأنجمُ السبعُ العُلى ما نجتْ من عكسها بالفَلَكِ التاسعِ (٤)
قال الشارح: وليس عكس المقاصد عند الدهر مطّردًا، بل هو مع الأذى جار، وعلى نهج الردى سار، فإن تمنى الإنسان شرا قرَّبه، وإنْ تمنى خيرا قلّبه.
وقال أبو الطيب (٥): (من الطويل)
وَأَحسَبُ أَنّي لَو هَويتُ فِراقَكُم ... لَفارَقتُكم وَالدَهرُ أَخبَثُ صاحِبِ
فَيا لَيتَ ما بَيني وَبَينَ أَحِبَّتي ... مِنَ البُعدِ ما بَيني وَبَينَ المَصائِبِ
وقال ابن دقيق العيد (٦) شيخ الإسلام: (من البسيط)
_________
(١) للشاعر مسعود بن محمد، النجوم الزاهرة، ص ٩٢٠٠ / (م).
(٢) البيت في الغيث المسجم ١/ ٢٣٦
(٣) البيتان في الغيث المسجم ١/ ٢٣٩
(٤) البيتان في الغيث المسجم ١/ ٢٣٩
(٥) ديوانه ١/ ٢٦٧
(٦) ديوانه / (م).
1 / 41