وَبالمفارق مَنْ غيّر بَعض دينه فَيدخل (١) في الحَدِيث أهل البَغي وَالخَوارج وَالرَوافِض، فيَجبُ المعَاملَة مَعهُم حَتى يَرجعوا إلى الحَقِّ، فِفيه مِنْ المُعَارضَة وَالمقابلَة أن الكلام في القتل لا في المعَاملة، أمَا ترى أن الإجماع عَلى عَدَم جواز قتِل بَاغٍ بانفِراده خَارجي أو رَافضي وَحِده مِنْ غير ظهُور كفر منهُ غَير بدعتِهِ.
وكذَا مَانعُو الزكاةِ يقاتلون، بِخلاف مَنْ تركهَا بغَير قِتالٍ فَإنه لا يقتل (٢)، فكَذَا تارك الصَّلاة لا يقتل بَل يحبس وَيُعَزر، وإذَا كَانَ أهل قريَةٍ تركوُهَا، بَل تركُوا الأذان الذي هُوَ سُنة مِنْ شِعَارها (٣) لَقوتلُوا، كما صَرحَ بهِ الإمَامُ محمد (٤) مِنْ أئمتِنا، فحَصَلت المَوافقة وَالُمطابقة مِنْ هذا الحَدِيث الشريف.
وحديث: «أُمرتُ أنْ أقاتِلَ النَّاسَ حَتى يَشهَدُوا: أنْ لاَ إلَه إلاَّ الله، وأنْ محمدًا رَسُول الله، ويقيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤتوا الزكَاةَ، فِإذَا فعَلوُا ذلك عَصَمُوا مِنّي دمَائهم وَأموَالهم إلاَّ بِحَقِّ الإسلاَمِ وَحِسَابهم على الله» رَوَاهُ أصحاب الكتب الستة عَن أبي هُرِيَرة (٥).
_________
(١) في (د): (فدخل).
(٢) احتج الفقهاء هنا بفعل أبي بكر الصديق ﵁ عندما قاتل من منع الزكاة فإنه يقاتل إن رفع السيف وإلا أخذت منه الزكاة عنوةً من قبل الإمام. ينظر تفاصيل هذه المسألة عند ابن قدامة، المغني: ٢/ ٢٢٨؛ الكاساني، بدائع الصنائع: ٢/ ٣١؛ الخطيب الشربيني، مغني المحتاج: ١/ ٣٨١؛ شرح الزرقاني على الموطأ: ٢/ ١٧٠.
(٣) في (د): (شعائرها).
(٤) محمد بن الحسن بن فرقد، أبو عبد الله الشيباني، الفقيه تلميذ أبي حنيفة، وفاته سنة ١٨٩هـ. تاريخ بغداد: ٢/ ١٧٢؛ وفيات الأعيان: ٤/ ١٨٤؛ سير أعلام النبلاء: ٩/ ١٣٤. .
(٥) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب قوله تعالى (فإن تابوا وأقاموا الصلاة): ١/ ١٧ رقم ٢٥؛ صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يشهدوا: ١/ ٥٢، رقم ٢١؛ سنن الترمذي، كتاب الإيمان، باب أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا: ٥/ ٢، رقم ٢٦٠٦؛ سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب على ما يقاتل المشركون: ٣/ ٤٤، رقم ٢٦٤٠؛ سنن النسائي، كتاب الجهاد، باب وجوب الجهاد: ٧/ ٧٧، رقم ٣٩٧١؛ سنن ابن ماجة، كتاب الفتن، باب الكف عمن قال لا إله إلا الله: ٢/ ١٢٩٥؛ رقم ٣٩٢٧.
1 / 31