والله بعده؛ فالأول قدمه؛ والآخر دوامه؛ والظاهر علوه وعظمته؛ والباطن قربه ودنوه؛ فسبق كل شيء بأوليته؛ وبقى كل شيء بآخريته؛ وعلا كل شيء بظهوره؛ ودنا عن كل شيء ببطونه؛ فلا تواري منه سماء سماء ولا أرض أرضا ولا يحجب عنه ظاهر باطنا بل الباطن له ظاهر الغيب عنده شهادة والبعيد منه قريب والسر عنده علانية؛ فهذه الأسماء الأربعة تشتمل على أركان التوحيد؛ فهو الأول في آخريته والآخر في أوليته والظاهر في بطونه والباطن في ظهوره لم يزل أولا وآخرا وظاهرا وباطنا؛ انتهى ملخصا من سفر الهجرتين.
فتبين مما ذكرناه أن لا تعلق لهذين الإسمين الشريفين بشيء مما ذكره المناري؛ وإنما هو من التفريعات والرموزات والإشارات التي لا حقيقة لها عند التحقيق؛ ولا قوام لها بالثبات على الطريق؛ وإن زعموا أن هذا من علم المكاشفة فهو عند التحقيق مكاشفة. فإذا عرفت هذا وتحققت أنه لم يكن قبل خلق المخلوقات عالم من أرواح بني آدم يسمى علم الغيب؛ وأن أول ما خلق الله العرش والماء والريح ثم خلق القلم وكتب في الذكر كل شيء كائن إلى يوم القيامة علمت يقينا أن ما ذكره القسطلاني والمناوي من الترهات والأكاذيب الموضوعات؛ وأن هذا الحديث المروي عن جابر كذب مختلق؛ وأن الصحيح
1 / 70