شيء فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء؛ بل ظهر على كل شيء فكان فوقه؛ وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه؛ وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه؛ وكل شيء في قبضته وليس في قبضة نفسه؛ فهذا قرب الإحاطة والعامة.
وأما القرب المذكور في القرآن والسنة فقرب خاص من عابدية وسائلية؛ فمعرفة هذه الأسماء الأربعة وهي الأول والآخر والظاهر والباطن هي أركان العلم والمعرفة؛ فحقيق بالعبد أن يبلغ في معرفتها إلى حيث تنتهي به قواه وفهمه؛ واعلم أن لك أنت أولا وآخرا وظاهرا وباطنا كل شيء فله أول وآخر وظاهر وباطن حتى الخطرة واللحظة والنفس وأدنى من ذلك وأكثر؛ فأوليته عزوجل سابقة على أولية كل ما سواه؛ وآخريته ثابتة بعد آخرية كل ما سواه؛ فأوليته سبقه بكل شيء؛ وآخريته بقاؤه بعد كل شيء؛ وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء؛ ومعنى الظهور يقتضي العلو وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه؛ وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه؛ وهذا قرب غير قرب المحب من حبيبه وهي إحاطتان زمانية ومكانية؛ فإحاطة أوليته وآخريته بالقبل والبعد فكل سابق انتهى إلى أوليته وكل آخر انتهى إلى آخريته فأحاطت أوليته وآخريته بالأوائل والأواخر وأحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن؛ فما من ظاهر إلا والله فوقه؛ وما من باطن إلا والله دونه وما من أول إلا والله قبله وما من آخر إلا
1 / 69