238

Рихлат

رحلة

Издатель

دار الكتب العلمية

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Место издания

بيروت - لبنان

ذلك كاتبه الفاضل عبد الرحيم البيساني بما كان يشاوره في أموره، وكان مقيمًا لدعوة الخليفة العباسي بمصر، فرأى الفاضل أن الخلافة لا تنعقد لاثنين في
الملة كما هو المشهور، وإن اعتمد أهل المغرب سوى ذلك، لما يرون أن الخلافة ليست لقبًا فقط، وإنما هي لصاحب العصبية القائم عليها بالشدة والحماية، والخلاف في ذلك معروف بين أهل الحق. فلما انقرضت دولة الموحدين، وجاءت دولة بني مرين من بعدهم، وصار كبراؤهم ورؤساؤهم يتعاهدون قضاء فرضهم لهذه البلاد الشرقية، فيتعاهدهم ملوكها بالإحسان إليهم، وتسهيل طريقهم، فحسن في مكارم الأخلاق انتحال البر والمواصلة، بالإتحاف والاستطراف والمكافأة في ذلك بالهمم الملوكية، فسنت لذلك طرائق وأخبار مشهورة، من حقها أن تذكر، وكان يوسف بن يعقوب بن عبد الحق ثالث ملوك بني مرين، أهدى لصاحب مصر عام سبعمائة، وهو يومئذ الناصر بن محمد بن قلاوون، هدية ضخمة، أصحبها كريمة من كرائم داره، احتفل فيها ما شاء من أنواع الطرف، وأصناف الذخائر، وخصوصًا الخيل والبغال.
أخبرني الفقيه أبو إسحق الحسناوي، كاتب الموحدين بتونس، أنه عاين تلك الهدية عند مرورها بتونس، قال: وعددت من صنف البغال الفارهة فيها أربعمائة، وسكت عما سوى ذلك. وكان مع هذه الهدية من فقهاء المغرب، أبو الحسن التنسي كبير أهل الفتيا بتلمسان. ثم كافأ الناصر عن هذه الهدية بأعلى منها وأحفل مع أميرين من أمراء دولته، أدركا يوسف بن يعقوب وهو يحاصر تلمسان، فبعثهما إلى مراكش للنزاهة في محاسنها، وأدركه الموت في مغيبهما، ورجعا من مراكش،

1 / 264