وحق حبي له أني به كلف ... يغنيني الطبع فيه عن تكلّفه
هذا الذي كثّر العذال فيه فما ... تعجّب القلب إلاّ من معنّفه
ما الذنب إلا وقوفي بين أظهرهم ... كالماء ما الأجن إلا من توقّفه
والمندل الرّطب في أوطانه حطب ... واستقر صرف الليالي في تصرّفه
يستأهل القلب ما يلقاه ما بقيت (١) ... له علاقة تدليع بمألفه
ولم يزل ﵀ متمسّكًا بأهل البيت سرًّا وجهرًا، معتنيًا في إظهار عقيدته في ذلك نظمًا ونثرًا (٢)، ومن شعره ﵀ يعرض بالسيد المذكور في اختلاف أقواله فيه، وهي من ألطف العتاب وأحسن ما يدور بين الأصحاب (٣):
عرفت قدري ثم أنكرته ... فما عدا بالله ممّا بدا
في كلّ يوم لك بي موقف ... أسرفت بالقول بسوء البدا
أمس الثّنا واليوم سوء الأذى ... يا ليت شعري كيف تضحي غدا
يا شيبة العترة في وقته ... ومنصب التعليم والاقتدا (٤)
قد خلع العلم رداء الهوى ... عليك والشّيب رداء الرّدى
فصن ردائيك وطهّرهما ... من دنس الإسراف والاعتدا
/ثم إنّه بعد ذلك انتصب لنشر هذه العلوم، وتصدّر برهة من الزّمان، وأهرع إليه الطلبة من كلّ مكان، فاستناروا بمعارفه، واقتبسوا من فوائده، فظهر أمره وبعد صيته، فلما رأى أن في هذا طرفًا من الدنيا
_________
(١) في نسخة: «من تعب».
(٢) انظر في نقاش هذا ودفعه: «الزيدية»: (ص/٥٠ - ٥١) للقاضي الأكوع.
(٣) الأبيات في «تاريخ بين الوزير»: (٣٨ب-٣٩أ)، في ترجمة ابن الوزير.
(٤) في «تاريخ بني الوزير»: «الاهتدا» وكذا في «البدر الطالع»: (٢/ ٩٣).
المقدمة / 44