ما قررناه من علة اصفرار الألوان، علمت أن خفقان القلب عند الاجتماع أو الرؤية من لازم ذلك الشأن، وقد لهج الشعراء بالاعتذار عن ذلك، وأكثروا فيه من التشعب والمسالك. ومن المحبين الملوك، وهم أحسن الناس طباعًا، وأطولهم باعًا وأطيبهم عيشًا، وأكثرهم طيشًا، وأرقهم شعرًا، وأدقهم فكرًا، وأقربهم موجوعا وأكثرهم بالحبيب ولوعًا، إذ هم في الحقيقة أولى بذلك، وأحقهم بالنوم على تلك الأرائك. فمنهم من قنع من محبوبه بالنظر حتى مات كمدًا ولحق بالشهداء، ومنهم من أصبح دونه في العفاف، وأقام سالف محبوبه مقام السلاف. ومنهم من خلع العذار، فجمع مابين ذات العقود، وابنة العنقود، ولكن مع صيانة، ورجوع إلى ديانة، فهو وإن طال به المجلس اختصر، وإن جنى فيه على محبوبه اعتذر. ومنهم من نال بالراح اللذة المحظورة، وأخرج بها وجنة الحبيب من صورة إلى صورة، فجارى النديم في الجريال، وسما إلى الحبيب سمو حباب الماء حالًا على حال، فأفضى به ذلك إلى هلكه، وفساد ملكه. ومن المحبين من عشق على السماع، ووقع من النزوع إلى الحبيب في النزاع. ومنهم من يحب بمجرد الوصف دون المعاينة، ولهذا نهى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن تنعت المرأة لغير زوجها حتى كأنه ينظر إليها، والحديث في الصحيح. ومنهم من يعشق أثرًا رآه. ومنهم من يحب في النوم شكلًا لا يعرفه، فيهيم به. ومنهم من يعشق باللمس، قيل: وهو رأس الشهوة. ومنه من يعشق بالشم. ومنم
1 / 27