والمعادن، كالذهب والياقوت، إلى غير ذلك، ومنه: "أهلك الرجال الأحمران" يعني: الخمر والنساء، والأحامر: الذهب، والزعفران، واللحم. وأحب ما يكون إليهم منه ما كان في الوجنات والشفاه. وأما وصفهم الموت بالأحمر، والدمع الناشئ عن شدة الحرقة بالحمرة، فليس طعنا فيهما، بل مدح، لأنهم أرادوا أنهما من المطالب التي لا تنال إلا بالمشاق والصعوبة. وقد توسع الناس في هذا المبحث فخرجوا منه إلى التفضيل بين السمر والبيض، وخاضوا بسبب ذلك في كلام عريض، فمن قائل بتفضيل السمر مطلقا، وقوم البيض، وآخرون فصلوا، فقالوا: إن كلا يميل إلى عكس لونه، وهذا تحكم وحكم على الطبائع
والأمزجة بلا دليل، والصحيح أن الميل إما بداعية الشهوة، أو النفع، ولا ضبط للأول لاختلافه باختلاف الأشخاص. وأما الثاني، فالقول فيه إما بحسب معتدل المزاج، فالروميات حينئذ في نحو الحجاز أنفع، كما أن الحبشيات في نحو الروم أجود، لأن حرارة الأبدان تختبئ في الأغوار زمن البرد، وبالعكس، وإما بحسب المرضى، فالسود للمبرودين أجود، والبيض للمحرومين كذلك. قال الأنطاكي: وعندي أن عكس هذا أجود لما سمعت من التعليل، والصحيح أن الحبشة ألطف مما عداهم مزاجًا، وأرق بشرة، وأعدل حرارة، فلذلك هن أوفق مطلقًا، ولكنهن في معرض التغيير، وموضع تحقيق ذلك في الطبيعيات. وأما الحكم على المصريين، فإنهم إلى السمر أميل، فمن قبيل التحكم. وإذا أحكمت
1 / 26