لآدم صلى الله عليه. وهذا بين لمن يدبره (1).
وصيغة الأمر قد ترد ولا تكون أمرا ، بل تكون تهديدا وتقريرا وتقريعا وإباحة ، ويعلم حاله بما يتقدم من الكلام ويتأخر ، وقد بينا أن صدر الكلام يدل على أنه تقريع وليس بأمر. وقوله تعالى من بعد : ( قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال : ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) (2) يدل جميعه على أن الغرض بالأول هو التقرير ، لأنه لو كان تكليفا لكان لا يتغير حاله بأن يخبرهم آدم عليه السلام بالأسماء ، ولم يكن لقوله تعالى عند ذلك : ( إني أعلم غيب السماوات والأرض ) معنى ، وإذا حمل على (3) أنه تقرير يحسن موقعه ؛ لأنه تعالى بعد إخبار آدم عليه السلام بين لهم (4) أنه قد خصه بما أفرده من الأسماء مفصلا ، وأنه تعالى يعلم الغيب ، فلذلك صح أن يعرفه الأمور المستقبلة ، ولذلك صح أن يخصه بذلك (5). وهذا بين.
فإن سأل بعض أصحابنا فقال : يجب أن تكون الآية دالة على أن الأسماء كلها توقيف ، وأنها لا تقع بالمواضعة ، وقال : إذا صح أن يعلم آدم جميع الأسماء لم يمتنع فى كل العباد أن يعلموا ذلك ويفهموا ، فمن أين أن فيها ما وقع بالمواضعة؟.
والجواب عن ذلك : أن ظاهر القول يدل على أنه تعالى علم آدم عليه السلام فقط الأسماء كلها ، ولا يدل « على أن (6) ابتداء اللغات من أربابها وقع بالمواضعة أو التعليم ، فلا يمتنع فى أرباب اللغات أن يكونوا تواضعوا عليها ،
Страница 82