وبعد ، فإن الظاهر إنما يدل على أنه أمرهم بما لا سبيل لهم إلى معرفته وتمييزه من غيره ، وذلك ما لا يجيزه أكثر المجبرة ؛ لأنهم إنما يجيزون الأمر بما لا يطاق إذا كان لا يحتاج المأمور فى ذلك إلا إلى القدرة فقط (1) ، فأما إذا احتاج إلى غيره من علم وعقل وجارحة وآلة ، فإنهم « لا يجيزونه ويجرونه (2) مجرى تكليف العاجز الذى يمتنع عليه الفعل والترك جميعا. وهذا الوجه أيضا يمنع من التعلق بالظاهر.
هذا ، وقد علمنا أنه ليس بتكليف ولا أمر ، بل هو تقريع وتقرير ، وذلك أنه تعالى بين أنه خص آدم عليه السلام بأن علمه الأسماء ليكون معجزا له ، فأراد أن يبين للملائكة أن هذا الاختصاص يوجب نبوته ، فقررهم بقوله : ( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) على ذلك ، ونبه من حالهم على أنهم إذا لم يختصوا بما اختص به آدم مما فيه انتقاض عادة ، فيجب أن يكون نبيا ، ولذلك حكى عنهم ما يدل على الانقياد ، وهو قولهم : ( قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ) (3) فبين أنه تعالى لما لم يختصهم بهذا العلم لم يحصل لهم كما حصل
والشريف المرتضى يدير الكلام فى هذه النقطة على لسان المعترض ، فيقول : ( كيف يأمرهم أن يخبروا بما لا يعلمون ، أو ليس ذلك أقبح من تكليف ما لا يطاق ، الذى تأبونه؟ والذى جوز أن يكلف تعالى مع ارتفاع القدرة لا يجوزه! ) ثم يذكر وجهين فى تأويل الآية بما الا يخرج عن كلام القاضى رحمهما الله . الأمالى : 2 / 68.
Страница 81