وقد كانت المرأة العربية في عصور الجاهلية والإسلام تخرج مع الرجال لحضور المعارك والملاحم تشجيعا للفوارس والأبطال، يملأن الفضاء بالنشيد، ويهتفن بالأهازيج، ويلهبن النفوس حماسة، ويضرمن الحمية في الأرواح.
ولقد قهرت «تاميريز» ملكة الحيثيين الملك سيروس ونكلت بجيشه الضخم وجحفله الجرار، كما ظهرت «سميراميس» ملكة بابل، واشتهرت بالبطولة ومطلق السلطان.
ولا يزال اسم «جان دارك» أو فتاة أورليانس، التي ألهمت الخروج من خدرها لإنقاذ فرنسا من أعدائها الإنكليز الذين اكتسحوا أرضها وأغاروا على ذمارها، علما على الشجاعة المتناهية التي يحيط بها الرهب والجلال، وتبدو من فرط جلالها سرا من الأسرار.
وقد جندلت «خولة» العربية فرسان الروم في حرب فتح الشام على عهد أبي بكر - رضي الله عنه - وكانت شجاعتها مضرب الأمثال، كما طعنت المجاهدة الشجاع «شارلوت كورداي» الذباح المشهور في الثورة الفرنسية «مارات»، وراحت تتلقى الموت بعد ثأرها لقومها بابتسام، وسخرت «ماتاهاري» الجاسوسة المشهورة النادرة البسالة في الحرب العظمى من الحلفاء، ومكرت بهم أعجب المكر، حتى لقيت الموت رميا بالرصاص.
جان دارك.
وفي عصرنا هذا اشتركت نساء الصين في الحرب الوطنية الأخيرة منضويات تحت لواء الزعيم «سن يات سن» محاربات مع الجيش الجنوبي حتى استولين على ما يقرب من ثلثي الصين؛ كما استمات النساء في الثورة التي نشبت في جمهورية «نيكارجوا »، ونهضن في إثر زعيمتهن «ناتالي جراسيا»، وقد ذهبت هذه في الحرب مستشهدة.
وما نسي أحد كيف راحت البلجيكيات الباسلات يدافعن عن بلادهن، ويصمدن مع الرجال لصد جيوش الألمان عن أرضهن غير منزويات من وابل النيران ومدرار الرصاص يحصدهن حصدا.
وقد كان بروز المرأة بهذه الشجاعة في مواطن القتال حافزا بعض الدول إلى استخدام النساء في الجيوش كمحاربات، فضلا عن أعمالهن في الإسعاف والتمريض، وكان أسبق الدول إلى ذلك فنلندا، وهي الجمهورية التي انسلخت أخيرا من الروسيا، فقد جيشت كتائب من النساء المقاتلات، وجهزتهن بأحدث أدوات الحرب ومعداتها، وكذلك بولونيا والصين واليابان وروسيا السوفيتية.
الطيارة الجريئة إيمي جونسون المعروفة اليوم بمسز موليسون.
وقد نبغ النساء أيضا في أكثر الميادين التي ظهرت فيها مغامرات الرجال وألوان بطولاتهم وضروب جسارتهم وجزافهم بالحياة، فاليوم ما أكثر النوابغ والبطلات في فنون الطيران والسباحة وألعاب القوى في سائر الممالك والأقطار، ومن ذا الذي لا يعجب للمغامرة الأولى «إرهارت» الطيارة الأمريكية المقدام التي اجتازت المحيط الأطلسي على متن الفضاء شاقة طريقها وسط العواصف والكسف وكثائف السحاب، والطيارة الإنجليزية إيمي جونسون التي انتزعت يوما من زوجها الطيار الكبير موليسون بطولة الطيران الطويل المدى من لندن إلى الكاب، والطيارة النيوزيلندية «جين باتن»، التي طارت من إنجلترا إلى أوستراليا عدة مرات، وكانت الناجحة الموفقة الظاهرة على سائر النابغين في الطيران والنابغات؟!
Неизвестная страница