Мустафа Нахас

Аббас Хафиз d. 1378 AH
48

Мустафа Нахас

مصطفى النحاس

Жанры

كذلك وقتنا الديمقراطية من بداية أمرنا؛ فاستروحنا إليها، وحذقنا في وقت قصير مطالبها ومقتضياتها، وصنا بها إجماعنا، وحفظنا بفضلها كثرتنا؛ فلم يلبث القدر الرحيم مرة أخرى أن أراد أن يزيدنا بها استمساكا، وينمي في نفوسنا قوة الحرص عليها، فجعل خصومنا غضابا منها، مؤتمرين بين حين وآخر بها، حتى لقد راحوا يعطلون أداتها، ويغرون أعوانهم بسحبها وحرمان البلاد منها، فاشتدت اللهفة مع الحرمان، وازداد بفضلها اليقين والإيمان، وتوالت فترات الجهاد والكفاح لاستردادها، فكان انتصار الديمقراطية في كل مرة ملهما بأن النظام الديمقراطي هو أصلح النظم، ما دام هو المستهدف أبدا لأعنف العدوان.

وقد نشأت الزعامة عندنا في وسط الثورة، فكانت بطبيعة الموقف من النشأة زعامة تستند إلى المشيئة العامة، وتعبر عن إرادة الأمة؛ بل وقاها سلطانها الروحي الغامر الشامل في الجماعة من فتون السلطان المادي في الحكم والأمر والنهي وطلب الطاعة، إذ كانت خارج الحكم المستغنية عنه، المعتزة بمكانها دونه، ثم إذ جاءت الديمقراطية وحل عهدها، أكسبها الحق في الحكم فهي تشدد فيه؛ لأنه حقها، ولا يمكن أن تتركه لغيرها، فيتولاها بلا حق فيه، ومن يغتصب حقا فهو المسيء حتى وإن ابتغى به الإحسان ...

ومن ثم جربت البلاد الطغيان ليكون درسا لمعناه وخبرة بوجوهه وامتحانا بمواده، وليظل النظام الدستوري الديمقراطي هو الموئل الأوحد من شره، والملاذ الأكبر المستعاذ به من سوئه وأذاه.

وهكذا خدمت الديمقراطية الزعامة فينا، وصانت بالدستور - وهو أداتها الأولى - إجماعنا، فكان الوفد المصري مع زعامته الأولى صاحب الفضل في إنقاذ الديمقراطية من خصومها المتكاثرين.

وقد أثبتت الحوادث بعد ذلك أن الديمقراطية هي التي أنقذت الاستقلال أيضا وهيأت له، وأعانت على الظفر به، وبذلك اكتسبت الزعامة الثانية - أو زعامة مصطفى النحاس - قوتين مجتمعتين: القوة التي تستمدها من الديمقراطية، والقوة التي تستعين بها من الاستقلال، بل بهذا وحده انتفى الخطر الذي تتعرض الجماعات له، وقامت زعامتنا على أوطد أساس، ونهضت فوق أقوى القواعد لأعز مكان.

لا خوف إذن علينا في عهدنا الجديد من النزوع إلى التفرد، ولا خشية من الجنوح إلى الاستئثار؛ لأن نظامنا النيابي هو بالنسبة لنا ساحل الأمان وصخرة النجاة.

المرأة والزعامة

لو أردنا أن نستوفي الحديث في هذا الكتاب عن المرأة في ميدان الزعامة، وساحات التفوق والنبوغ، وأقطار السيادة والنفوذ والسلطان، وفي مختلف نواحي الحياة التي اشتركت فيها مع الرجل ونافسته وتلاقت فيها معه أو زاحمته فقهرته - لامتد بنا نفس الكلام، وخرج السياق الذي ينتظم البحث من حدوده التي أردناها، كتوطئة كاملة للمراد الجليل الذي توخيناه، وتمهيد واف للدراسة التي قصدنا إليها، إلى مدى وسيع لم تكن نيتنا الضرب فيه، وأفق بعيد من موضوعنا الذي نعالجه.

ولكن حسبنا منه لمعا خاطفة، ومرا سريعا، من أقصر طريق.

لقد استطاعت المرأة عبر الأجيال الماضية وأدوار التاريخ المتلاحقة أن تشارك الرجل في أخشن مظاهر الحياة، وتساهم معه في ميادين البطولة والشجاعة والإقدام، وتبرز أعجب الجلد بجانبه على احتمال أعنف البلاء وأقسى الآلام، فقديما كان النساء في الإغريق يشتركن في المعارك محاربات، وكانت لهن في ذلك جولات وصولات، والحديث عن المرأة «الأمازون»؛ أي المحاربة، مدون في أساطير الأولين.

Неизвестная страница