ولو لم نقل بذلك ، فلا بد من ارتكاب المجاز في كلمة الناظرة أيضا ، وكذلك قوله تعالى : ( يقول الإنسان يومئذ أين المفر. كلا لا وزر. إلى ربك يومئذ المستقر ).
فان الظاهر ان كلمة الرب مجاز عن حكمه ومشيته. والحكم والمشية تصيران مستقرا للانسان بسبب مقتضياتهما.
وأما ما تمسك به من قول العلماء ، فلا يحضرني كلامهم لأفهم مرامهم ، ولو فرض صحة النقل فلا حجة فيه ، ولعلهم ارادوا شيئا آخر ، فهل يمكنهم انكار ان يقول أحد : رأيت اسدا يرمي ، مع انه رأى رأسه فقط حين الرمي.
وأورد عليه صاحب المصابيح بقوله : ولا يخفى عليك ان ما ذكره من تجويز المجاز عن المجاز ، مستشهدا بالآيات وعدم المنع من ارباب اللغة في الكتب والمحاورات ، مردود من جهات.
أما أولا : فلان حمل تلك الآيات على سبك المجاز عن المجاز ، تكلف لا حاجة اليه اصلا ، بل المجاز الظاهر منها غيره كما هو ظاهر.
وأما ثانيا : فلان ما ذكره من عدم كون ، قول العلماء حجة لو فرض صحة النقل ، مردود بأن الكلام في المقام في الامر اللغوي ، والمدار فيه على التوقيف من صاحب اللغة ، فاذا صرح اهل اللغه بشيىء يكون قولهم حجة بلا اشكال ، لحصول الظن منه ، والمدار فيه على الظن والظهور ، لا سيما اذا كان مشهورا كما فيما نحن فيه.
وأما ثالثا : فلان المجاز الذي ذكره في قولهم رأيت اسدا يرمي ، حيث رأى رأسه فقط ، فانما هو من باب المجاز في الاسناد ، لا المجاز
Страница 75