============================================================
يفسد عليك أرضك فلا تفلع أبدأ، ومن ذلك ما بلغنا عن معروف الكرخي أنه قال : إذا صمت.. فأنظر على أي شيء تفطو، وعند من تفطر، وطعام من تأكل؟ فكم من يأكل أثلة فينقلب قلبه عما كان عليه ، فلا يعود إلى حاله أبدا ، وكم من أكلة حرمت قيام ليلة، وكم من نظرة منعت قراءة سورة، وإن العبد ليأكل الأكلة فيحرم بها قيام سنة.
فعليك - أيها الرجل- بالنظر الدقيق والاحتياط البالغ الشديد في قوتك إن كان لك عناية بقلبك ، وهمة في عبادة ربك هلذا في أصل القوت حتى يكون من وجهه(1)، ثم عليك بالأدب فيه ، وإلا.. كنت حمالا للطعام ، مضيعا للأيام؛ إذ قد علمنا يقينا ، بل رأينا عيانا أن العبادة لا يجيء منها شيء إذا امتلا البطن، وإن أكرهت النفس على ذلك ، وجاهدت بضروب الحيل.. فلا يكون لتلك العبادة لذة ولا حلاوة، ولذلك قيل : لا تطمع بحلاوة في العبادة مع كثرة الأكل ، وأي نور في نفسي بلا عبادة، وفي عبادة بلا لذة ولا حلاوة ؟!
ولهذا المعنى قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله : صحبث أكثر رجال الله تعالى في جبل لبنان، فكانوا يوصونني: إذا رجغت إلى أبناء الدنيا.. فعظهم بأربع؛ قل لهم : من يكثر الأكل.. لا يجذ لذة العبادة ، ومن ينم كثيرا..
لا يجد في عمره بركة، ومن طلب رضا الناس. . فلا ينتظر رضا الله، ومن يكثر الكلام بفضول وغيبة. . فلا يخرج من الدنيا على دين الإسلام.
وعن سهل رحمه الله أنه قال : جماع الخير كله في هلذه الخصال الأربع، وبها صارت الأبدال أبدالا: إخماص البطون، والصمت، والاعتزال عن الخلق ، وسهر الليل.
وقال بعض العارفين : الجوع رأس مالنا ، ومعناه : أن ما يحصل لنا من فراغ وسلامة، وعبادة وحلاوة، وعلم نافع.. بسبب الجوع والصبر عليه لله سبحانه:
Страница 148