От вероисповедания к революции (1): Теоретические предпосылки
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Жанры
ولا يمنع كون الوجود بديهيا ثم الاختلاف في كونه جزئيا أم كليا، واجبا أو ممكنا، عرضا أو لا عرضا، جوهرا أو لا جوهرا، موجودا أو اعتباريا، لا تحقق له في الأعيان أو واسطة، وأفراده عين الماهيات أو زائدة؛ لأن هذه الاختلافات تحليل العقل لتجربة الوجود البديهي. ويمكن تجاوز هذه الاختلافات بتحليل العقل للموضوعات ذاتها واتفاق نتائج هذا التحليل مع تجارب عديد من الأفراد. وهداية «الله» لا تحل هذه الاختلافات؛ لأنها ليست خطأ أو صوابا، بل تتناول مستويات مختلفة من الوجود.
36
ومعظم الأحكام المنطقية على الوجود كتصور بديهي تقوم على إسقاط مقولات أخرى مثل الكل والجزء والبسيط والمركب على الوجود لتحديده، وهي طريقة لا تؤدي إلى شيء بل إلى وضع أشياء ثم نفيها أو إثباتها أو خلق مشاكل لفظية من نفس النوع المثالي القائم على القسمة العقلية ثم تمرين العقل المتطهر عليها. ويكون الحكم في النهاية هو اختيارا لما تقتضيه درجة الطهارة! الوجود ليس صفة في الشيء بل هو الشيء الذي يحياه الإنسان، يراه ويحميه، يراه ويحسه ويلمسه. والصفة مجرد تجريد عقلي للاستعمال والتعبير.
37
والوجود أيضا رابطة في القضية تتكون من ثلاثة عناصر، الموضوع والمحمول والرابطة. ولا تحتاج القضية في اللغة العربية إلى ظهور الرابطة لأن الوجود متضمن في الموضوع؛ إذ يثبت الوجود بمجرد ثبوت الموضوع، لا يوجد موضوع إلا وهو موجود، الوجود بداهة وجود لا تحتاج إلى إثبات بفعل الكينونة.
38
ومع ذلك قيل في تعريف الوجود عدة تعريفات منها أنه الثابت بالعين؛ فالوجود رؤية حسية ومشاهدة عيانية. ومنها: أنه المنقسم إلى فاعل ومنفعل، أو إلى حادث وقديم، والفاعل والمنفعل غير الحادث والقديم، الأولى: طبيعية، والثانية: تعتمد على الأولى لإثبات فاعل قديم كما يقتضي بذلك الإيمان. ومنها: أنه ما يعلم ويخبر عنه، فالوجود هو المعلوم الذي يأتي علمه عن طريق الخبر، فالوجود لا يوجد إلا من خلال المعرفة، وهي مرحلة التعبير والإيصال للآخرين عن طريق اللغة.
وفي حقيقة الأمر أن الوجود لفظ مشترك بين عديد من الموجودات، الإنسان والأشياء والعالم وما يفترضه على أنه «الله»، وذلك لعدة أسباب، منها التردد في وصف الموجودات به وعدم الجزم في الاستعمال؛ مما يوحي بأنه يفيدها جميعا. كما يقال على الواجب والممكن والجوهر والعرض لاشتراك في صفة واحدة هي الوجود أكثر من اشتراك لفظ العين للعين والبئر. وكما أن العدم مفهوم واحد لا تمايز فيه فكذلك الوجود. والاشتراك قضية ضرورية إذ إننا نعلم بالضرورة الشركة بين الموجودات ، وأن نفي الاشتراك يثبت الاشتراك لأن تصور مفهوم واحد غير مشترك يلزم إثبات ذلك في كل موجود، ولا يجوز إثبات دعوى عامة في كل موجود على حدة ولو لم يكن مشتركا لما تميز الواجب عن الممكن؛ فالتمايز يعني الاشتراك بقدر ما يعني الاختلاف.
39
وبالتالي فالإنسان موجود، والشيء موجود، والعالم موجود، و«الله» موجود باشتراك الاسم. ويكون السؤال: كيف تبدأ تجربة الوجود وتصوره؟ لا ريب أن الأشياء لا تعي الوجود. و«الله» لا يتحدث عن نفسه إلا من خلال الوحي؛ أي اللغة وبالتالي لزم فهمه وتفسيره ابتداء من الوعي الإنساني. الإنسان وحده إذن هو الموجود حقيقة وكل ما سواه موجود بالمجاز. وهو المعني الأول باللفظ ثم يطلق الوجود على كل شيء آخر سواء العالم أم «الله» قياسا على وجود الإنسان.
Неизвестная страница