أَذْرَبَيْجَان (١)، فأقام حتى عاد إِليه حذيفة، وقال له: لقد رأيت في سَفْرتى هذه أمرًا لئِن تُرك الناسُ عليه ليَخْتَلِفُنَّ في القرآن، ثم لا يقومون عليه أبدًا. قال: ولم ذاك؟ قال: رأيت ناسًا من أهل حِمْص (٢) يزعمون أن قراءتَهم خيرٌ من قراءة غيرهم، وأنهم أخذوا القرآن عن المِقْداد (٣)، ورأيت أهل دمشق يزعمون أن قراءتهم خير من قراءة غيرهم، ورأيت أهل الكوفة يقولون مثل ذلك، وأنهم قرأوا على ابن مسعود (٤)، وأهلُ البصرة يقولون مثله، وأنهم قرأوا
_________
(١) أَذْرَبَيْجان: قال في (معجم ما استعجم جـ١ ص ١٢٩) أذربيجان وقزوين وزنجان كورٌ تلي الجبل من بلاد العراق، وتلي كور إِرمينية من جهة المغرب وقد فتحت سنة ٢٢ هـ في خلافة عمر ﵁ (وانظر مراصد الاطلاع جـ١ ص ٤٧، تاريخ الطبرى جـ٤ ص ١٥٣ - ١٥٥).
(٢) حِمْص مدينة مشهورة بالشام، سميت برجل من العماليق يسمى حمص -ويقال: رجل من "عاملة"- هو أول من نزلها. وقد فتحها أبو عبيدة بن الجراح ومعه خالد بن الوليد ﵄ بعد فراغه من فتح دمشق، سنة ١٥هـ (معجم البلدان جـ٢ ص ٣٠٢، مراصد الاطلاع جـ١ ص٤٢٥، معجم ما استعجم جـ٢ ص ٤٦٨، تاريخ الكامل لابن الأثير جـ٢ ص ٣٣٩).
(٣) هو المقداد بن عمرو، ويعرف بابن الأسود الكندى البهرانى الحضرمي، أبو معبد أو أبو عمرو صحابى، من الأبطال وكان في الجاهلية من سكان حضرموت. واسم أبيه عمرو بن ثعلبة البهرانى الكندى ووقع بين المقداد وابن شمر بن حجر الكندى خصام فضرب المقداد رجله بالسيف وهرب إِلى مكة، فتبناه الأسود بن عبد يغوث الزهرى فصار يقال له: المقداد ابن الأسود إِلى أن نزلت آية ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٥] فعاد يتسمى المقداد بن عمرو- وشهد غزوة بدر وغيرها وسكن المدينة وتوفى على مقربة منها سنة ٣٣ هـ فحمل إِليها ودفن فيها. له في كتب الحديث ٤٨ حديثًا (من مصادر ترجمته: تهذيب التهذيب جـ ١٠ ص ٢٨٥، حلية الأولياء جـ١ ص ١٧٢، الإصابة جـ ٦ ص ٢٠٢، وانظر الأعلام جـ٧ ص ٢٨٢).
(٤) هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن. صحابي من أكابرهم فضلًا وعقلًا وقربًا من رسول الله ﷺ، وهو من أهل مكة من السابقين إِلى الإسلام وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة، وكان خادم رسول الله الأمين وصاحب سره ورفيقه في حله وترحاله وغزواته نظر إِليه عمر يومًا وقال: وعاء مليء علمًا. ولي بعد وفاة النبي ﷺ =
1 / 69