وأما كونهم ذوي القربى فقد صرح نقلة الاخبار المقبولة وأوضح حملة الآثار المنقولة في مسانيد ما صححوه وأساليب ما أوضحوه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رض) لما نزل قوله (تعالى): قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى . قالوا يا رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) من هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال ((صلى الله عليه وآله وسلم)): «علي وفاطمة وابناؤهما».
ومن جملة من نقل ذلك الإمامان الثعلبي والواحدي ((رضي الله عنهما)) وكل واحد منهما رفعه بسنده، وكذا رواه الثعلبي أن رسول الله نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين ((عليهم السلام)) فقال: «أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم».
زيادة تبيين اعلم أن ارباب المودة المسئولة في الآية هم ذوو القربى، فكل من اتصف [بالقربى] كان من مستحقي المودة المنصوص عليها، فإن الحكم المرتب على سبب يثبت في كل محل يكون ذلك السبب موجودا فيه، وهؤلاء المذكورون (عليهم سلام الله) وإن اشتركوا في ثبوت المودة لهم لاشتراكهم في سببها المقتضى لها، لكن درجات ذلك متفاوتة، فكل من كان أقرب إلى رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) كان السبب في حقه أقوى، وقد انعقد اجماع العلماء على أن درجة الولادة راجحة على غيرها من درجات الباقين، حتى صرحوا في تصانيفهم العلمية، وتآليفهم الحكمية بأن الرجل لو وقف على أقرب الناس إلى زيد، أو أوصى لأقرب الناس إلى زيد وليس له أب، تقدم في الوقف والوصية أولاده على جميع أقاربه وإن كان له أب، فهل تقدم الأولاد على الأب أو يستوي معهم فيه خلاف مشهور، وفي هذا كشف وبيان بأن فاطمة ((عليها السلام)) أعلى رتبة في مادة المودة ورتبة القرابة.
وإذا أظهر بما تقرر من الأساليب المستصوبة، والشآبيب المستعذبة
Страница 52