ما لفاطمة ((عليها السلام)) من المزايا المهذبة وما حصل بواسطتها للائمة ((سلام الله عليهم)) من زيادة المنقبة وعلو المرتبة، فلا بد من الوفاء لها في أحوالها المرتبة بمثل ما التزم الأئمة ((عليهم السلام)) في الأبواب الآتية المبوبة، من كيفيات أحوالهم المتقلبة وأوقات ولادتهم المنتجبة وأيام وفاتهم المذنبة.
فأقول: قد تقدم القول أن فاطمة ((عليها السلام)) كانت أحب إلى رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))، فإنها كانت آخر أولاده ((صلى الله عليه وآله وسلم)) من خديجة (رض)، فإن جميع أولاد رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) كانوا من خديجة (رض) إلا إبراهيم فإنه كان من مارية القبطية. وكان ((صلى الله عليه وآله وسلم)) قد تزوج بخديجة وعمره خمس وعشرون سنة وكان عمرها يومئذ أربعين سنة وأقامت معه اربعة وعشرين سنة وشهورا ولم ينكح امرأة حتى ماتت، وتوفيت بعد أبي طالب بثلاثة أيام وولدت له أولا القاسم وبه كان يكنى، ثم ولدت له الطاهر ثم الطيب، وولدت له من البنات رقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة، وكان أكبر بنيه القاسم وأكبر بناته رقية ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة ((عليها السلام)) فكانت أصغر بناته، والإنسان بطبعه البشري وإشفاقه الذاتي يميل إلى أصغر أولاده ما لا يميل إلى الأكبر لا سيما وقد مات جميع أولاده سواها في حال حياته ولم يبق غيرها من أولاده الذكور والإناث.
وكان مولد فاطمة (صلى الله عليها ورضي عنها) وقريش تبني الكعبة قبل النبوة بخمس سنين، وزوجها بعلي ((عليه السلام)) في شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة وبنى بها في ذي الحجة، وقيل سوى ذلك، لكن هذا أرجح، ولما تزوجها بعث النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم)) معها بخميلة ووسادة من ادم حشوها ليف ورحاء اليد وسقاء وجرتين، فقال لها علي ((عليه السلام)) ذات ليلة: والله لقد سنوت (يعني استقيت الماء) حتى اشتكيت صدري وقد جاء الله أباك بسبى فاذهبي
Страница 53