في يوم المعاد يوم قيام الأشهاد. فإن مصنفات الأمة إذا جليت على أهلها تضوعت ولم تضع، وصفات الأئمة إذا تليت على المسامع لا يستمع بها غير المستمع، فما كل من دعاه الهادي إلى سلوك سبيل الهدى بمتبع، ولا كل من وعى سمعه ما يتلى عليه ما لم يوفقه الله بمنتفع، فإن ظفر بها من حباه الله (تعالى) بإسعاف الاسعاد وهداه إلى سبيل الرشاد فتأملها بفكره الوقاد وفهمه النقاد وقلبه المنقاد إلى سداد الاعتقاد، فاقتفى سنن سنتهم واقتدى بنهج طريقتهم وتقرب إلى الله (تعالى وتقدس) بمحبتهم، وعد نفسه من أنصار أسرتهم وأعد لماله ما يصرفه من ماله في مبرتهم رزقه الله (تعالى) الاهتداء بمصباحهم، والارتداء بجلباب صلاحهم ووقاه حر كل جناح يخشاه بوارف جناحهم وسقاه يوم العطش الأكبر بكأس اغتباقهم واصطباحهم.
وأنا بقيامي هذا في رفع منارهم وشرع شعارهم وجمع مآثرهم وآثارهم، وإن كان غاية ما وصلت إليه قوى البشرية لاستطاعتها ونهاية ما قدرت عليه ببذل جهدها وطاقتها، كمن قابلت نفسه أنوار شمس الظهيرة بذبالتها وعدلت السحائب المدرار والعباب التيار ببلة قطرتها.
ثم لما كانت هذه الصدقة التي من أمير المؤمنين ((عليه السلام)) بإسدائها والمنة التي تصدق بإهدائها والحالة التي تكررت منه بإعادتها وإبدائها، لم يصدرها إلا بأمر إلهي أحاط به علما فأتاه وأتى ما آتاه إذ كل حادث لا يدخل في الوجود إلا وقد قدره الله (تعالى) وقضاه وأنفذ حكمه (سبحانه) فيه وأمضاه، فيجب حمده جل وعلا دائما على ما أولاه وتعين شكره مزيدا على ما منحه وأقناه حمدا لا تنفصم عراه وشكرا لا يدرك منتهاه. وأنا أسأل كل من وقف على كتابي هذا أن يخصني بدعوة ينفعني الله بها يوم ألقاه، ليكون من عتاد المعاد يوم ينظر المرء ما قدمت يداه، وإذا بلغ القلم مما رقم كنه مطاويه فأقطع عليه جريه في إيضاعه بقريبه وأسرع به إلى مطالب الكتاب وأساليبه، فأشرع الآن في
Страница 35