نظر سعيد إلى الظلام خارج الباب فلم ير شيئا وتساءل: أما زالت تجيء إلى هنا؟ - من حين لآخر، ستفرح لرؤيتك! - صايدة؟ - طبعا، ولد ابن صاحب مصنع حلوى.
ولما جلسا على الأريكة نادى المعلم صبيه، وقال له: بصنعة لطافة قل لنور أن تأتي!
لتأت؛ ليرى ماذا فعل الزمان بها، التي - عبثا - أرادت امتلاك قلبه، قلبك الذي كان ملكا خالصا للخائنة، وليس أقسى على القلب من أن يروم قلبا أصم، عندما تخاطب البلابل حجرا أو تداعب النسمة أسنانا مدببة، حتى هداياها إليه كان يهديها إلى نبوية عليش، وربت المسدس وهو مستكن في جيبه، وعض على أسنانه، وظهرت نور عند الباب غير متوقعة للمفاجأة التي تنتظرها، فلما رأته توقفت على بعد خطوات في ذهول، ونظر إليها باسما وفي إمعان، بدت أنحل مما كانت، واختفى وجهها تماما تحت المساحيق الدسمة، ونطق بالإغراء فستان أبيض، انطلقت منه الأذرع والسيقان بلا حرج، وقد شد حول جسدها كالمطاط حتى صرخ التهتك، وعربد شعر رأسها القصير في تيار الهواء، وسرعان ما هرعت إليه حتى تلاقت الأيدي وهي تقول: حمدا لله على سلامتك ...
وضحكت ضحكة عصبية تداري بها تأثرها، ثم اندست بينه وبين المعلم طرزان. - كيف حالك يا نور؟
فأجاب طرزان باسما: هي كما ترى نور ونور!
وقالت المرأة: بخير، وأنت؟ صحتك عال، لكن عينيك؟ أنا أعرفك وأنت غضبان!
فتساءل باسما: كيف؟ - لا أدري كيف أقول، نظرة محمرة! وإنذار يتحرك في شفتيك ...
ضحك، ثم قال بأسف: سيأتي صاحبك ليأخذك!
فقالت وهي تهز رأسها لتزيح خصلة شعر عن عينيها: إنه لا يعرف رأسه من رجليه! - على أي حال، فأنت مقيدة به!
فرمته بنظرة ماكرة، وهي تتساءل: أتحب أن أدفنه في الرمال؟ - ليس الليلة، سنلتقي فيما بعد!
Неизвестная страница