33

Кхиласат аль-Мухтасар ва-Накават аль-Му'тасар

خلاصة المختصر ونقاوة المعتصر

Редактор

أمجد رشيد محمد علي

Издатель

دار المنهاج

Издание

الأولى

Год публикации

1428 AH

Место издания

جدة

ويجتهد في نفسه، وبلغ الأمر به إلى أن أخذ في التصنيف، وكان الإمام مع علو درجته وسمو عبارته وسرعة جريه في النطق والكلام لا يصغي نظره إلى الغزالي؛ ستراً لإنافته عليه في سرعة العبارة وقوة الطبع)(١).

وبقي بنيسابور إلى أن مات شيخُه إمامُ الحرمين، فخرج إلى الوزير نظام الملك(٢) بالمعسكر؛ إذ كان مجلسه مجمعَ أهل العلم، فناظر الأئمةَ وقهرَ الخصوم واعترفوا بفضله، قال الإسنوي: (فوقع للغزالي أمورٌ تقتضي علوَّ شأنه من ملاقاة الأئمة ومجاراة الخصوم اللد، ومناظرة الفحول ومناطحة الكبار، فأقبل عليه نظام الملك وحلَّ منه محلاً عظيماً، فعظمت منزلته وطار اسمه في الآفاق، ونُدب للتدريس بنظامية بغداد)(٣).

فقدم حجةُ الإسلام بغداد سنة (٤٨٤ هـ) ودرّس بالنظامية(٤) وسنُّه إذ ذاك أربعٌ وثلاثون سنة، معظماً في أهلها، تضرب به الأمثال، وتشدّ إليه الرحال.

يقول الفارسي في وصف ذلك: (حتى أدَّت الحالُ به إلى أن رسم للمصير إلى بغداد للقيام بتدريس المدرسة الميمونة النظامية بها، فصار إليها، وأعجب الكل بتدريسه ومناظرته، وما لقي مثل نفسه، وصار بعد إمامة خراسان إمام العراق، ثم نظر في علم الأصول - وكان قد أحكمها - فصَنَّف فيه تصانيف، وجدد المذهب في الفقه فصنف فيه تصانيف، وسبك الخلاف فحرَّر فيه أيضاً تصانيف، وعلت حشمته ودرجته في بغداد حتى كانت تغلب حشمته الأكابر والأمراء ودار الخلافة)(٥).

وحضر عنده رؤوسُ العلماء، وكان ممن حضر عنده أبو الخطاب وابن عقيل،

(١) تبيين كذب المفتري (ص ٢٩١-٢٩٢).

(٢) هو الوزير الكبير العالم العادل نظام الملك أبو علي الحسن بن علي الطوسي (٤٠٨-٤٨٥ هـ) بالغ إمام الحرمين في وصفه وبيان محاسنه وعدله، كان يجمع العلماء ويجالسهم، وبنى مدارس كثيرة في بلاد عدة كبغداد والبصرة والموصل وبلخ ونيسابور وهراة وأصبهان ومرو وغيرها. انظر: ((الطبقات الكبرى)) (٣٠٩/٤-٣٢٨).

(٣) شذرات الذهب (١١/٤).

(٤) اسم المدرسة التي ببغداد، منسوبة إلى بانيها الوزير نظام الملك آنف الذكر.

(٥) تبيين كذب المفتري (ص ٢٩٢).

33