34

Кхиласат аль-Мухтасар ва-Накават аль-Му'тасар

خلاصة المختصر ونقاوة المعتصر

Редактор

أمجد رشيد محمد علي

Издатель

دار المنهاج

Издание

الأولى

Год публикации

1428 AH

Место издания

جدة

وهما من رؤوس الحنابلة، فتعجبوا من فصاحته واطلاعه وكتبوا كلامه في مصنفاتهم(١).

ثم عزفت نفسُه عن التقدّم والجاه، فترك كلّ ذلك وقصد بيت الله الحرام؛ فخرج حاجاً في ذي القعدة سنة (٤٨٨ هـ) واستناب أخاه أحمد في التدريس.

ثم في سنة (٤٨٩ هـ) دخل دمشق وجلس فيها أياماً يسيرة، ثمّ توجّه إلى بيت المقدس فجاور به مدّة، ثمّ عاد إلى دمشق واعتكف بالمنارة الغربية بالجامع الأموي مدة، وكان رحمه الله يكثر الجلوس في زاوية الإمام الكبير الشيخ نصر المقدسي(٢) بالجامع الأموي التي صارت تعرف بعد ذلك بالغزالية؛ نسبة إليه، وكانت تعرف من قبل بالشيخ نصر المقدسي.

وقد مكث بالشام نحواً من عشرين سنة، وصادف يوماً دخوله المدرسة الأمينية فوجد المدرس يقول: قال الغزالي - وهو يدرس من كلامه - فخشي الغزاليُّ على نفسه العُجْبَ، ففارق دمشق وأخذ يجول في البلاد، فدخل مصر ثمّ توجَّه إلى الإسكندرية وأقام بها مدة، وطاف بغيرها من البلدان، يزور المشاهد، ويروض نفسه ويجاهدها جهاد الأبرار، ويكلفها مشاق العبادات بأنواع القرب والطاعات.

وقد فَصَّل الإمامُ الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال حال التحول والانتقال الذي وقع له بين علوم الظاهر وأحوال الباطن، وهذا طرف مما قاله فيه: (ثم إني لما فرغت من هذه العلوم.. أقبلت بهمتي على طريق الصوفية، وعلمت أن طريقتهم إنما تتم بعلم وعمل، وكان حاصل علومهم قطع عقبات النفس، والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة، حتى يتوصل بها إلى تخلية القلب عن غير الله تعالى وتحليته بذكر الله... فعلمت يقيناً أنهم - أي الصوفية - أرباب الأحوال لا أصحاب الأقوال، وأن ما يمكن تحصيله بطريق العلم فقد حصلته، ولم يبق إلاّ ما لا سبيل إليه

(١) البداية والنهاية (١٢/١٧٤).

(٢) هو الشيخ الإمام الفقيه أبو الفتوح نصر بن إبراهيم المقدسي (ت ٤٩٠ هـ) كان زاهدا جامعاً بين العلم والدين، له: كتاب الانتخاب الدمشقي، وكتاب الحجة على تارك المحجة، والتهذيب. انظر: الطبقات الكبرى (٣٥١/٥).

34