الأمل
[ والأمل ]: وهو تحديث النفس وتوطينها على الأعمال الدنيوية المستقبلة، ولما كان بعضها لابد منه في تدبير معيشة الإنسان ومن يعوله لم يرد الذم من الحكيم تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم إلا على تطويل الأمل دون تقصيره، وهو ما يتعلق بإصلاح المعيشة في يومه والأيام القريبة منه كأن يؤمل غدا أنه سيشتري طعاما أو نحوه لعائلته أو سيحرث الجربة الفلانية أو نحو ذلك، وإنما المذموم التطويل بما وراء ذلك من طلب الزيادة على الحاجة وللأيام البعيدة لأن ذلك فضول يكسب القلب هما واشتغالا بما لا يعني ولعله لا يصل إليه، وفي الحديث أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: " إن شر ما أتخوف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل، فاتباع الهوى يصرف قلوبكم عن الحق، وطول الأمل يصرف هممكم إلى الدنيا وما بعدهما خير لأحد في دنيا ولا آخرة "، وقال - صلى الله عليه وآله وسلم : " مثل الإنسان والأجل والأمل، فمثل الأجل خلفه والأمل أمامه، فبينما هو يؤمل أمامه إذ أتاه أجله فاجتاحه "، وفي السنة كثير من ذلك.
فثبت الأصل الأول وهو اختلاف الأجسام والأعراض على أنه معلوم ضرورة لكن حسن بسط الكلام في ذلك لما يتفرع عليه مما بعده من الاستدلال على إثبات الصانع المختار وإبطال غيره تعالى من المؤثرات التي زعمها أهل الإلحاد.
وأما الأصل الثاني: وهو أن اختلاف الأجسام والأعراض دليل على حدوثها.
فقد أشار عليه السلام بقوله: [ فتعرف ] بهذا الاختلاف [ أنه لا بد من مخالف خالف بينها وأحدث ما شاهدت حدوثه منها ]، وقد شملت هذه الجملة من كلامه عليه السلام طرفين: أحدهما: أن الاختلاف دليل الحدوث. والثاني: أن المحدث لا بد له من محدث. فلنتكلم على كل واحد منهما بما يليق به حسب المقام.
Страница 72