ومن ثَمَّ قيل للجنيد سيِّد الطائفة: أيَعصِي [الولي] (١)؟ فقال: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ (٢).
وقد قال ابن عبدالسلام: أخطأ مَن زعَم أنَّ الولاية تُنافِي ارتكابَ الصغائر، ففعلهم لذلك لو فرض أنَّه باختيارٍ وفيه تثنٍّ وتكسُّر يكون صغيرةً، وهي لا تنافي الولاية.
وما أحسن ما قاله الأستاذ الكبير، والعلَم الشهير، إمام العارفين، وقدوة العلماء العاملين، أبو علي الروذباري لَمَّا سُئِلَ عمَّن يسمَع الملاهي ويقول: هي حَلال؛ لأنِّي قد وصلت إلى درجةٍ لا يُؤثِّر فِيَّ اختلاف الأحوال، فقال ﵁: نعم قد وصل، ولكن إلى سقر، كذا نقَلَه عنه إمام المتأخِّرين ظاهرًا وباطنًا الإمام اليافعي الذي قال الأسنوي فِي حقِّه: فضيل الأباطح وفاضلها، فتأمَّل مثل قول أبي عليٍّ المذكور واعتمده، وأمثاله، ولا تغترَّ بِمَنْ لم يشمَّ أدنى مَراتِبهم، فيقول عليهم بما هم منه بَرِيئون وعنه مُنفَرِدون ومحوطون، حقَّق الله لنا حسن اتِّباعهم، والاندراج فِي سلك إجماعهم بمنِّه وكرمه، آمين.
وتمسَّكوا أيضًا بأنَّ الحركات الموزونة من أهل الصفاء حالةَ السماع نتائج القلب المعتدِل الموزون بميزان الرياضة والمجاهدة، ومَن هو كذلك لا يصدر عنه قولٌ ولا فعلٌ إلاَّ على نظامٍ ووزنٍ، وخُصوصًا حالة السماع التي هي حالةُ ظهور مَكامِن القلوب وإبداء العُيوب، وأطالُوا من هذه الكلمات التي هي حقٌّ فِي نفسها أُرِيدَ بها [ز١/ ١٤/أ] باطلٌ أي باطل؛ إذِ الصادر عن القلب المذكور وزنُ الأعمال بميزان الشرع لا وزنُ الحركات بميزان
_________
(١) في (ز١): المولى.
(٢) سورة الأحزاب: ٣٨.
1 / 59