المختلف فيه، وأنَّ ما رُوِي عن أولئك الأئمَّة كذبٌ، بطل قول صاحب الكتاب: إنَّ القياس على ذلك حجَّة على إباحة الرقص.
(تتمَّة) نقَل القرطبي عن الإمام الطرسوسي (١) أنَّه سُئِلَ عن قومٍ فِي مكانٍ يقرؤون شيئًا من القرآن ثم ينشدهم لهم منشدٌ شيئًا من الشعر فيرقصون ويطربون ويضربون بالدُّفِّ والشَّبَّابَة، هل الحضور معهم حلال أو لا؟
فأجاب: مذهب السادة الصوفية أنَّ هذا بطالة وضلالة، وما الإسلام إلاَّ كتاب الله وسنَّة رسول الله ﷺ وأمَّا الرقص والتواجُد فأوَّل مَن أحدَثَه أصحاب السامري لما اتَّخذ لهم عجلًا جسدًا له خوار، فأتوا يرقصون حوله ويتواجَدون، وهو - أي: الرقص - دين الكفار وعبَّاد العجل، وإنما كان مجلس النبي ﷺ مع أَصْحابه "كأنَّما على رؤُوسهمُ الطَّيْرُ من الوقار" (٢)، فينبغي للسُّلطان ونوَّابه أنْ يمنعوهم من الحضور فِي المساجد وغيرها، ولا يحلُّ لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أنْ يحضر معهم، ولا يُعِينهم على باطلهم، هذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وغيرهم من أئمَّة المسلمين، ا. هـ كلام هذا الإمام، فتأمَّله واحفَظْه فإنَّه الحقُّ وغيره الباطل الذي غايته القطيعة والآثام.
_________
(١) في (ز٢): الطرطوسي.
(٢) أخرجه الطياليسي (١٢٣٢)، وأحمد (٤/ ٢٧٨)، وأبو داود (٢٨٥٥)، والبيهقي (٩/ ٣٤٣)، والحاكم (٤/ ٤٤٣) من حديث عن أسامة بن شريك قبلفظ: "أتيت النبى ﷺ وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير، فسلَّمت ثم قعَدت، فجاء الأعراب من ها هنا وها هنا فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تداووا، فإنَّ الله ﷿ لم يضعْ داءً إلا وضع له دواء، غير داء واحد؛ الهرم» وهذا لفظ أبي داود، والحديث أخرجه الترمذي (٢٠٣٨)، وابن ماجَهْ (٣٤٣٦)، ولم يذكر فيه محلَّ الشاهد، وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
1 / 57