وأما قوله: «لا يجمع بين متفرق» فهو محمول على المتفرق عنه في المكان أيضًا، وقد ورد النهي عن جميعه فيكون النهي عن جميعه منصرفًا إلى الساعي، وكذا نقول: إذا كان متفرقًا في المكان لا يجمع ليأخذ، ويجوز أن يكون قوله: «لا يفرق بين مجتمع» منصرفًا إلى الساعي أيضًا، وذلك في ثمانين من الغنم بين رجلين في مكان واحد لا يفرق ليأخذ من كل واحد شاة ثم قال صلي الله عليه وسلم: «وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية».
وهذا أيضًا دليل على تأثير الخلطة أخذًا على معنى أن للساعي أن يأخذ الواجب من المال الذي بين الخليطين، ويجعل الجميع بمنزلة الواحد ثم يثبت منهما التراجع على ما يوجبه أصل ملك كل واحد منهما، هذا بيان تأثير الخلطة أخذًا، والأول دل على تأثير الخلطة وجوبًا وسقوطًا.
وقد روى الأصحاب في آخر الخبر زيادة وهو أنهم رووا أن النبي ﵇ قال: «والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والمرعى».
ولئن ثبت هذا فهو لبيان شرائط الخلطة، وعندكم الخلطة وشرائطها ساقط لغو، وليس لهم للخبر تأويل متضح يستقيم على أصولهم غير أن بعض أصحابهم قال: المراد من التفريق والاجتماع هو في الملك لا في المكان.