فلا تحسبوا أتي تغيرت بعدكم ... عن العهد لا كان الغير للعهد غرامي غرامي والهوى ذلك الهوى ... ووجدي لكم وجدي وودي لكم ودي
وليس محبا من يدوم وداده ... مع الوصل لكن من يدوم مع الصد
علي الطبيب الإفريقي مرتزق بالطب في الدولة الحمادية وله شعر وأدب فمن شعره:
يا جملة الحسن هب لي منك إحسانا ... إني أحبك أسرارا وإعلانا
أصبحت عبدك أبغي بكم بدلا ... ولا أحب سواك الدهر إنسانا
علي بن النضر المعروف بالأديب هذا القاضي من الصعيد الأعلى وله في علوم الأوائل والأدب القدح الأعلى والقدر الأغلى مشهور الذكر سائر النظم والنثر ولما ذكر أبو الصلت في رسالته منجمي مصروعا بهم قال وأما المنجمون الآن بمصرفهم أطباؤها كما حذيت النعل بالنعل لا يتعلق أمثلهم من علم النجوم بأكثر من زائجة يرسمها ومراكز يقومها وأما التبحر ومعرفة الأسباب والعلل والمبادئ الأول فليس منهم من يرقي إلى هذه الدرجة ويسمو إلى هذه المنزلة ويحلق في هذا الجو ويستضيء بهذا الضوء ما خلا القاضي أبا الحسن علي بن النضر المعروف بالأديب فإنه كان من الأفاضل الأعيان المعدودين من حسنات الزمان ذوي الأدب الجم والعلم الواسع والفضل الباهر والنثر الرائع والنظم البارع وله في سائر أجزاء الحكمة اليد الطولى والتربة الأولى ولقد كان ورد يلتمس من وزيرها الملقب بالأفضل تصرفا وخدمة فخاب فيه أمله وأخفق سعيه فقال من قصيدة يعاتب فيها الزمان ويشكو الخيبة والحرمان:
بين التعزز والتذلل مسلك ... بادي المنار لعين كل موفق
فاسلكه في كل المواطن واجتنب ... كبر الأبي وذلة المتملق
ولقد جلبت من الصنائع خيرها ... لأجل منار وأكرم منتقي
ورجوت خفض العيش تحت ظلاله ... لا بد أن نفقت وإن لم تنفق
ظنا شبيها باليقين ولم أخل ... أن الزمان بها سقاني مشرقي
ومنها بعد أبيات:
لأقارعن الدهر دون مروئي ... وحرمت عز النفس إن لم أصدق
علي بن أحمد بن علي أبو الحسن يعرف بابن الهبل الطبيب ولد ببغداد ونشأ بها وقرأ فيها الأدب والطب وسمع وروى عن مشائخ وقته ثم سار إلى الموصل وخرج إلى أذربيجان وأقام بخلاط عند صاحبها شاه أرمن يطببه وقرأ الناس عليه هناك الحكمة والأدب وفارق تلك الديار لسبب وهو أن بعض الطشت دراية قال له يوما وقد نظر إلى قارورة الملك في بعض أمراضه يا حكيم لو لا تذوقها فسكت عنه فلما انفصل عن المجلس قال له في خلوة قولك هذا اليوم عن أصل من قول غيرك أو من شيء خطر لك فقال إنما خطر لي لأني سمعت أن ذوق القارورة من شروط اختبارها فقال له الأمر كذلك ولكن لا في كل الأمراض وقد أسأت إلي بهذا القول لأن الملك إذا سمع هذا ظن أنني قد أخللت بشرط واجب من شروط خدمته وقوانين الصناعة فيها ثم أنه عمل على الخروج لأجل هذه الحركة والخوف من عاقبتها بعد أن رشي الطشت دار حتى لا يعود إلى مثلها وخرج وعاد إلى الموصل وقد تمول فأقام بها إلى حين وفاته وحدث بها وأفاد وعمر حنة عجز عن الحركة فلزم منزله قبل وفاته بسنين وكان الناس يترددون إليه ويقرؤون عليه وسئل عن مولده فقال ولدت ببغداد بباب الأزج في الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة خمس عشر وخمسمائة وتوفي بالموصل ليلة الأربعاء ثالث عشر من المحرم سنة عشر وستمائة وله كتاب في الطب سماه المختار رأيته في أربع مجلدات وله غير ذلك.
علي بن يقظان السبتي طبيب شاعر أديب أصله من سبتة ذكره بعض أهل مصر فقال ورد إلى البلاد المصرية سنة أربع وأربعين وخمسمائة ومضى منها إلى اليمن وسافر إلى الشرق وزار العراق ودار الآفاق وله من قصيدة في الوزير الجواد جمال الدين أبي جعفر محمد بن علي بن أبي المنصور الأصفهاني بالموصل:
أإخواننا ما حلت عن كرم العهد ... فيا ليت شعري هل تغيرتم بعدي
Страница 103