وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٥، ١٧٧].
ولخطورة حاسة البصر، وأهميتها في حياة الإِنسان جاءت الشريعة المطهَّرة بتحديد مساربها، وبيان الوجهِ الحقِّ لاستعمالها، وضبط العلاقة السليمة بين الناظر وما حوله من الوجود إنسانًا وجمادًا، كلُّ ذلك بما يتفق وتكوينه وغرائزه، وجِبِلَّته وفطرته حتى تكون حاسة البصر أداة خير وبناء، لا معول هدمٍ وإفسادٍ وشقاء.
وإنَّ أخطر نظرة تكون بهذه الحالة هي النَّظرة التي تتوجَّه من الرجل نحو المرأة، ومن المرأة نحو الرجل، بحكم الفطرة التي ينجذب إليها أحدهما نحو الآخر، وهي التي في الحديث: "النظرة سهم من سهام إبليس".
ولهذا جاءت النصوص الشرعية كثيرة ضافية تضبط النظر من أحدهما نحو الآخر حتى لا يزلَّ وينحرف، أو يسقط وينجرف، وليبقى كلاهما في إنسانية كريمة وعلاقة خيِّرة سليمة.
وقد أولى علماء الإسلام عبر العصور ولا يزالون هذه النصوص الشريفة كامل العناية والرعاية من تفسير وشرح، واستنباط وبيان، وذلك خلال درسهم للقرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، أو في كتب الفقه الإسلامي وأبوابه، وكلُّ باب من أبواب كتب الفقه هو باب للإنسانية على حياتها، إن دخلت منه كان دخولها صحيحًا سليمًا، وسيرها مأمونًا قويمًا، فالفقه الإِسلامي هو كتاب الحياة الإِنسانية الواسعة في كلياتها وجزئياتها، في دقائقها ومخفياتها، وقد وقف الفقهاء مع حاسة البصر والنظر وقفات غير قليلة في كتب التفسير، وشروح الحديث، ومصنفات الفقه.
ومع هذا فإنَّ هذا الكتاب فريد في بابه، إذ استقلَّ بجمعه دون غيره،
1 / 9