قال السيد حميدان :ومن أوضح الأدلة على كون تجديد المعتزلة محالا وصفهم له بأنه لا شيء ولا لا شيء مع أنهم لو جاز لهم تجويز ذلك في المسموع والمبصر لجاز تجويز تجديد سائر الإدراكات التي لا تجوز إضافتها إلى الله تعالى نحو إدراك لذة المشتهيات تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقد أوردوا شبهة وهي أن أحدنا قد يعلم مالا يدرك ويدرك مالا يعلم وحصول كل واحدة من الصفتين مع عدم الأخرى دليل على التغاير بينهما،أما أنه قد يدرك ما لا يعلم فلأن أحدنا قد يدرك قرص البق والبراغيث في حال نومه ولا يعلمه وكذلك يدرك الأصوات الجارية بحضرته وهو لا يعلمها وكذلك الساهي فإنه قد يدرك كثيرا من المبصرات والمسموعات ولا يعلمها حتى أنه ربما ينكر إدراكها،وأما أنه قد يعلم مالا يدرك فذلك ظاهر كلو شاهد أحدنا الجبل العظيم ثم غمض عينيه فإنه حال التغميض عالم به غير مدرك له فتم قولنا أنه قد يدرك ما لا يعلم ويعلم ما لا يدرك وبهذا يعلم التغاير.قلنا: مطلوبنا الأهم الذي نحن مخاطبون به وملزمون بمعرفته ما كان يتعلق بالباري من هذه الأوصاف ونحن وإن سلمنا ما ذكرتم في الشاهد فلا يثبت ذلك في الغائب الذي هو المراد من العقيدة.وبيان ما قلنا أنا لا ننفي إدراكه تعالى للمدركات لكنه بذاته،وأما قياسكم ففاسد لأنه ليس لله من الإحساس ما يدرك به قرص البراغيث ونحوها إذ هو ليس بجسم ولا عرض على ما يأتي إنشاء الله وليس بذي عينين يفتحهما ثم يغمضهما تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فالفرق بينكم وبينه جلي إذ لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس ليس كمثله شيء.
Страница 67