دليل آخر إجماعهم معنا على كون الباري تعالى صانعا للعالم فلا يخلو إما أن يكون صنعه هو ذات العالم أو صفاته أو هو الذات والصفات معا. فإن قالوا: صنعه هو الذات بطل قولهم بثبوتها فيما لم يزل، وإن قالوا: صنعه هو الصفة التي هي الوجود وتوابعه بطل إقرارهم بأن الباري سبحانه صانع للعالم، لأن ذوات العالم هي العالم بإجماعهم فإذا لم يكن صانعا للذوات بمعنى أنه جعلها ذواتا فليس بصانع للعالم، وإن قالوا: أنه صانع للذوات (بمعنى أنه جعلها ذواتا فليس بصانع للعالم، وإن قالوا: أنه صانع للذوات) والصفات خرجوا من مذهبهم.
دليل آخر لو صح القول بثبوت ذوات مقدورات الباري سبحانه فيما لم يزل وأنه لا تأثير له في كونها ذواتا أدى إلى القول بتعجيزه عن خلق العالم، والقول بأنه سبحانه لا يعلم الإيجاد فيما لم يزل كما هو مذهبهم حيث يقولون أنه تعالى لا تأثير له إلا في الصفة الوجودية وليست هي بصفة معلومة له فيما لم يزل يؤدي إلى القول بأنه سبحانه جاهل بتأثيره قبل أن يؤثر فيه وكل قول يؤدي إلى تعجيزه سبحانه وتجهيله فهو ظاهر البطلان. ومما يدل على بطلان قول المخالفين إجماعهم مع العترة على إنكار قول من زعم أن أعيان العالم قديمة ولا فرق بين ذلك وبين قولهم أن ذوات العالم ثابتة في الأزل بدليل أنه ما من دليل يصح أن يستدل به على بطلان أن أعيان العالم قديمة إلا ويصح أن نستدل به على بطلان أن ذوات العالم ثابتة في الأزل.ومما يشهد بصحة ما قلنا الكتاب والسنة وأقوال الأئمة.
Страница 59