Ибрагим Тани
إبراهيم الثاني
Жанры
وكانت ميمى تسمع وكأن الأمر لا يعنيها، ولم يسعها إلا أن تتعجب - فى سرها - له مرة أخرى. لماذا كذب؟ وليست هذه شيمته، فقد شاربته غير مرة، ولم تكثر ولم تفرط، ولكنها شاربته البيرة والنبيذ ليس إلا. وغاظها منه أن بسلوكه هذا يرمى إلى ما لا تعرف أو تتبين، ونفت فيما بينها وبين نفسها أنه يريد أن يصقلها فى عين صادق، فإن صادقا لا يصرفه عنها، بل قد يزيد إقباله عليها وطمعه فيها، أنها تشرب قليلا من البيرة من حين إلى حين.
وخطر لها أن لعله يقول هذا لتسمعه فتحية، على حد قول المثل «وإياك أعنى يا جارة». وودت فى هذه اللحظة لو خلت دقائق - دقائق فقط - بإبراهيم، فتسأله رأيه فى صادق وفتحية. ومن أدراها أنه لا يعرف فتيات أخريات غير فتحية، يخرج معهن فى سيارته الفخمة إلى المتنزهات الخلوية ليدربهن على المشاركة فى إلقاء منولوجاته.. منولوجاته حقا؟ أهذه وسيلته إلى الفتيات؟ لا عجب إذن إذا كان لم يبلغ سؤله منها هى، فما تعبأ شيئا بمونولوجاته السخيفة، وإنها لتحتقرها، وتحتقره أيضا. وهذا هو الفتى الذى يتعقبها، ويطاردها بحبه المزعوم ويطمع أن تجاوبه، وتبادله حبا بحب. منولوجست.. يعوج طربوشه وفمه وساقيه ويروح يتحرك حركات مضحكة وينطق بهراء، أو يلبس جلابية حمراء مخططة، وعلى وسطه حزام من حبل وقدماه حافيتان، لأن المنولوج قد يقتضى هذا المنظر (البلدى) أو يلبس (طرطورا) ويصبغ وجهه ... هذا هو صادق.. فليقنع بفتحية وأمثالها.
ونهضت، وراحت تتمشى على الشاطئ بخطوات بطيئة، وهم صادق أن يتبعها، فرده إبراهيم، ورمى إليه نظرة فهمها صادق فهز رأسه وابتسم، وخف هو إليها، فلما صار إلى جانبها قال: «ليست هذه ميمى التى أعرفها».
قالت وهى تنظر إليه: «نعم ولا أنت الذى أعرفك».
قال: «أسمعينى رأيك الجديد فى العبد لله».
قالت: «لا تمزح ... لماذا كذبت؟»
قال: «لأن ما تفعلينه وأنت معى وحدى، لا أرى من حقى أن أدع لسانى يثرثر ويلغط به».
قالت: «لم يسألك أحد حتى تحتاج إلى الكتمان».
قال: «سؤال الحال أبلغ يا فتاتى.. يراك تشربين البيرة.. بطبيعة الحال وبغير تردد، كأنما تفعلين ذلك منذ نعومة أظفارك فماذا يظن بك وبى؟»
قالت: «وماذا يعنينى من ظنه بى؟ بل ماذا يدعونى إلى كتمان علاقتى بك؟ ماذا يمنعنى أن أصارحه بهذا؟ ما شأنه هو؟ أى حق له على؟ وسأصارحه وأحسم هذا الأمر الذى طال».
Неизвестная страница