٧٥ - وحدثني قال: كان لابن القنائي أخ يعرف بالبقطائي من أمه، فقعد يومًا يلعب الشطرنج مع إنسان يعرف بأبي عمر الصيرفي وكان أبو عمر يسهو في لعب الشطرنج إلى الحد الذي تجعل على رقبته وظهره الشي الكثير الثقيل فلا يحس بع ويحمله ولا ينتبه له، فتوجهت له على الباقطائي، فقال له: شاه يا بن القحبة، فقال له ابنه: أنت مجنون! الرئيس أبو الغنائم قاعد وأنت تشتم أخاه وأمه! فعلم أنه د غلط، فقال: ما قلت ذاك إلا من جهة الباقطائي، فضحكت الجماعة منه، وخجل ابن القنائي ونهض.
٧٦ - وحدثني قال: كان عندنا إنسان يعرف بزوج المرأة، فمضى يومًا لزيارة قبر (الشيخ) معروف الكرخي (قدس الله سره) ومعه ابن أخت له فرأى فاختة في الطريق، فقال لابن أخته: امض وعلق تلك الفاختة، فقال له: إذا قربت منها طارت فكيف أعلقها؟ فقال: امض مع الحائط نحو تنور الآجر، كأنك تساوم صاحبه على شراء الآجر وخذها، فضحك!
٧٧ - قال: وماتت قريبة لأبي منصور بن الفرج، وكان رئيسًا في الوقت، فاجتمع الناس على طبقاتهم لقضاء حقه، وأخرجت الجنازة والنساء يلطمن ويقلن: واستاه واستاه! على ما جرت به عادة النساء في ذلك، فأنكر زوج المرأة هذا القول وقال: لاستَّ إلا الله ﷾، وصاح عليهن، فضحك الناس، وصار المكان مكان هزل لا مكان حزن.
٧٨ - قال: وأحضره السوادية طنجيرًا وقال: قد ابتعت هذا بخمس دوانيق، فانظر أرخيص هو أم غالٍ! فأدخل رأسه فيه، فقال السوادي: هو صحيح يا سيدي، وليس فيه كسر، قال: ما نحوت إلى ذاك، وإنما أفتقده لا يكون العث قد وقع فيه، فتستعمله أيامًا ويظهر لك بعد ذلك عيبه! فضحك منه وأخذ الطنجير، وذهب.
٧٩ - قال: وكان عندنا كاتب ديوان يعرف بأبي غالب الإصطخري، شديد المعضلة قليل الدربة بالعادات، وكان في داره حمام، وكان يوقده بنفسه من السحر إلى الفجر، فإذا فرغ منه دخل الحمام وتغسل وركب، فمن حكاياته أنه صلى بالناس في شهر رمضان فقرأ سورة القصص وخرج من رأس السبعين إلى رأس الثمانين، وسقط في هذه العشر الآيات قصة قارون، فلمنا جلس في التشهد قال في تشهده: أليس كان لقارون المدبر في هذه السورة حديث طويل! ترى أليس كان منه! دع حتى يمر إلى لعنه الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
٨٠ - قال: ورأيته يومًا وهو على دكان مالحاني، وفي يده رغيف، وهو يأكل من خل المالح، فقلت: يا سيدنا أتأكل هذا الخبر اليابس بهذا الخل القذر في السوق وبين العوام، فاغتاظ مني فقال: خرا أريد أن أصلحه، فأي شي عندك في هذا يجيء خراء أولًا!
٨١ - قال: وكان إذا خرج في حاجة فقال له إنسان: إلى أين أيها الرئيس! رجع ولم يمض فيها، وجرى على القائل له ذاك قبح منه، فاجتاز علي يومًا مسرعًا ولم يسلم، فقلت: إلى أين مدة شهر؟ فرجع إلي: وقعد عندي وقال: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: إياك وأن تقول لإنسان ما في حاجة إلى أين، فربما كان مارًا في شيء من قاذورات الدنيا، فإن صدقك فقد أحرجته، وإن كذبك فقد آثمته!
٨٢ - وحدث أن سابور الوزير استناب في دار العلم بين السورين خازنًا يكنى بأبي منصور، فلبس في بعض الأعياد ثيابًا جددًا، وأخذ في السحر قارورة فيها حبر، فصبها في يده وطرحها على وجهه، غلطًا من قارورة ماء الورد إلى قارورة الحبر، وخرج على تلك الصفة يريد الجامع، فلقيه الناس وتضاحكوا منه ورأوا ما به، فقال: غلطنا من ماء الورد إلى الحبر! ورجع.
٨٣ - وكان أبو الحسن السمسماني متطيرًا، فخرج يوم عيد داره، ولقيه الناس فقال له مهنئًا: عرف الله تعالى سيدنا الشيخ بركة شؤم هذا اليوم، فقال: وإياك يا سيدي، وعاد وأغلق به، ولم يخرج (بقية) يومه.
٨٤ - ودخل بعضهم إلى رئيس الرؤساء أبي القاسم بن المسلمة فقال له متعجبًا من رئاسته التي عبقت به وجلالته التي باتت له:
فسبحانَ الذي أعطاكَ ملكًا ... وعلَّمكَ الجلوسَ على السَّريرِ
فضحك رئيس الرؤساء منه، ولم يعلمه بموضع غلطه، لعله بقلة معرفته وبأنه لا يعلم أصله!
واتفق أن اجتمعت به يومًا عند عميد الملك أبي نصر الكندري بعد قتل رئيس الرؤساء، فقال له كيف أنشدت رئيس الرؤساء
فسبحانَ الذي أعطاكَ ملكًا ... وعلَّمكَ الجلوسَ على السَّريرِ
أما تعلم أنه ثاني بيت، هو:
1 / 15