فحصل التحقيق بأنه قائل ما تقدم.
قال أبو عمران: فلم يكن ابن الياسمين، على ما كان له من منصب العلم والتقدم عند السلطان، يستتر بحاله، بل يتمازح فيه ولا يضيع بادرةً تقع من أجله. وله في ذلك أشعار كثيرة، منها قوله، وقد عذله بعض أصحابه في تقريب امرئٍ كان كثير الاختصاص به، وقال له: هلا اخترت لخدمتك، والقرب من مناولتك ومشافهتك، أبيض اللون:
يبيعون حبي للسواد جهالةً ... وما علموا ما فيه لي من مآرب
أهين لقصدي ربه وهو خادم ... إذا ما علا فوقي بمجداف قارب
ويلقي ضحوك السن لله دره ... حمولًا لما حملته غير لاغب
وفيه خصال جمةٌ غير هذه ... أحق الورى طُرًّا بخدمة كاتب
فيا معشر الكتاب أوصيكم به ... وصية من يعني بحاجة صاحب
قال: وربما كان يصرح في بعض خلواته لمن يأخذ معه في ذلك الشأن، إذا دارت كأس المدام، وارتفع حجاب الحياء عن الكلام، فيقول: ينبغي لأرباب هذه الصناعة ألا يعدلوا عن الأمرد، فانه أطول أيرًا، وأكثر سيرًا.
ومن أشعاره المتعارفة بهذا الباب قوله في صبي مليح جاء يقرأ عليه، بعدما حام على قربة زمانا، فلم يقدر على ذلك:
1 / 45