وتعالى: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) . وقوله: (أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون) . قال ابن عباس: سامدون، هو الغناء بلغة حمير، وقال مجاهد: هو الغناء بقول أهل اليمن، سمد فلان إذا غنى. وروي عن ابن عباس ﵄ أنه قال - في هذه الآية - (ومن الناس من يشتري لهو الحديث): إنه الغناء، ومن طريق آخر إنه الغناء وأشباهه، وروي عن عبد الله بن مسعود ﵁: هو - والذي لا إله إلا هو - الغناء، وعن مجاهد ﵁ في قوله تعالى: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) قال: صوته الغناء والمزامير، وعنه في قوله تعالى (والّذين لا يشهدون الّزور) قال: الغناء.
وأما دليلهم من السنة فما روي عن عائشة ﵂ أنها قالت: إن الله ﷿ حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها، ثم قرأت (ومن الناس من يشتري لهم الحديث ...) وروى بو أمامة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله ﷿ إليه شيطانين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك. وروى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى. وعن عبد الرحمان بن عوف ﵁ قال: نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نعمة وصوت عند مصيبة.
وأما أقوال الصحابة والتابعين ﵃ فقد روي عن عثمان ﵁ أنه قال: ما تغنيت قط، فتبرأ من الغناء وتبجّح بتركه. وروي عن ابن مسعود ﵁ أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. وروي أن ابن عمر ﵄ مرّ على قوم محرمين ومعهم قوم ورجل يغني فقال: ألا لا أسمع والله لكم، ألا لا أسمع والله لكم. وروي عن عبد الله بن دينار قال: مرّ
1 / 108