رقم ثلاثة
ذكر ما ورد في الغناء من الحظر والإباحة
قد تكلم الناس في الغناء: في التحريم والإباحة، واختلفت أقوالهم وتباعدت مذاهبهم، وتباينت استدلالاتهم فمنهم من رأى كراهته وأنكر استماعه، واستدل على تحريمه، ومنهم من رأى خلاف ذلك مطلقا وأباحه وصمم على إباحته، ومنهم من فرق بين أن يكون الغناء مجردا أو أضيف إليه آلة كالعود والطنبور وغيرهم من الآلات ذوات الأوتار، والدفوف والمعازف والقصب. فأباحه على انفراده وكرهه إذا انضاف إليه غيره، وحرم سماع الآلات مطلقا. ولكل طائفة من أرباب هذه المقالات أدلة استدلت بها، وقد رأينا أن نثبت في هذا الموضع نبذة من أقوالهم على سبيل الاختصار وحذف النظائر المطوله فنقول وبالله التوفيق: أما ما قيل في تحريم الغناء وما استدل به من رأى ذلك، فإنهم استدلوا على التحريم بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين والأيمة من علماء المسلمين، أما دليلهم من الكتاب العزيز فقول الله ﷿: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون) . وقوله ﷿: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) . وقوله ﷾: (والّذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كراما) . وقوله ﵎: (ومن الناس يشتري لهم الحديث ليضلّ عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) . وقوله سبحانه
1 / 107