ابن عمر ﵄ بجارية صغيرة تغني فقال: لو ترك الشيطان أحدا ترك هذه. وعن إسحاق بن عيسى قال: سألت مالك بن أنس ﵁ عما ترخص فيه بعض أهل المدينة من الغناء فقال: ما يفعله عندنا إلا الفساق، وقال الشعبي: لعن المغنِّي والمغَنَّي له. وقال الحكم بن عتيبة: حبّ السماع ينبت النفاق في القلب. وروي أن رجلا سأل القاسم بن محمد فقال: ما تقول في الغناء أحرام هو؟ فأعاد عليه فقال له في الثالثة: إذا كان يوم القيامة فأتي بالحق والباطل أين يكون الغناء؟ قال: مع الباطل. قال القاسم: فأفت نفسك. وقال الفضيل بن عياض: الغناء رقية الزنا. وقال بعضهم: الغناء رائد من رواد الفجور. وقال الضحاك: الغناء مفسدة القلب، مسخطة للرّب. وقال يزيد بن الوليد - مع اشتهاره بما اشتهر به - يا بني أمية إياكم والغناء، فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعله السكر، فإن كنتم لا شك فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء رقية الزنا، وإني لأقول ذلك فيه على أنه أحب إلي من كل لذة، وأشهى إلى نفسي من الماء إلى ذي الغلة الصادي ولكن الحق أحق أن يقال.
وأما أقوال الأيمة رحمهم الله تعالى فقد قال الإمام الشافعي ﵁ في كتاب أدب القضاة: الغناء لهو مكروه يشبه الباطل، وقال من استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته. قال القاضي حسين بن محمد: وأما سماعه من المرأة التي ليست بمحرم، فإن أصحاب الشافعي قالوا: لا يجوز بحال سواء كانت بارزة أو من وراء حجاب وسواء كانت حرّة أو مملوكة، وقال الشافعي: وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته. ثم غلظ القول فيه وقال: هو دياثة. قال: وإنما جعل صاحبها سفيها لأنه دعا الناس إلى الباطل، ومن دعا إلى الباطل كان سفيها فاسقا. وقال مالك بن أنس: إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب، قال وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم ابن سعد وحده، وكره أبو حنيفة ذلك وجعل سماع الغناء من الذنوب، قال: وذلك مذهب سائر أهل الكوفة
1 / 109