Философские исследования (часть первая): в современной исламской мысли
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Жанры
بالرغم من جعل الطبيعة مخلوقة من الله إلا أن العلم نشأ للسيطرة على قوانين الطبيعة التي سخرها الله لخدمة الإنسان، فكان الفلاسفة القدماء علماء طبيعة وكيمياء وفلك ورياضة وطب وصيدلة، وفي الوقت نفسه متكلمين وفقهاء وفلاسفة وأدباء. وظهر أصحاب الطبائع من المتكلمين يحللون الكمون والطفرة والذرات في الطبيعة. ونحن الآن في نهضتنا الحديثة خاصة عند أنصار الغرب نحاول من جديد الدعوة إلى العلم وإلى الفكر الطبيعي. (3)
إثبات حرية الإنسان وخلق أفعاله خاصة عند المعتزلة، وأن له قدرة واستطاعة، وأنه قادر على الاختيار بما له من عقل وتمييز، وبما يتمتع به من تدبر وروية، والتأكيد على الغائية والبواعث في الحياة، وإثبات الصلاح والأصلح وأن الله لا يفعل إلا ما فيه مصلحة العباد، بدلا من العشوائية والتشتت والتضارب في الاتجاهات. (4)
بالرغم من أولوية النظر على العمل إلا أن قيمة العمل ظهرت أيضا في أصول الدين، خاصة عند المعتزلة والخوارج، فالعمل هو مقياس الإيمان، ومن لا عمل له لا إيمان له، والعمل هو العمل الصادق الكامل الذي لا يقبل أنصاف الحلول أو المساومة. كما ظهر في أصول الفقه على أنه غاية الشريعة، يتم في الوقت على الفور وإلا كان متراخيا وقضاء. كما ظهر في التصوف على أنه الطريق إلى المعرفة، فالأحوال ثمرات الأعمال. والدعوة إلى العمل منتشرة في الأمثال العامية والأدب الشعبي انتشارها في نصوص التراث. (5)
بالرغم من سيادة بعض القيم السلبية في التصوف إلا أنه ظهرت به أيضا موضوعات الطاقة والحركة والنشاط ومفاهيم الارتقاء والنكوص، والتقدم والتأخر. وقد استطاع بعض الصوفية تحريك الجماهير وحشد قوى المعارضة وتفجير طاقات الناس وتوجيههم في ثورات شعبية عامة. كما استطاع «إقبال» تحويل التصوف إلى طاقة حيوية وحركة في التاريخ توقظ الأمة وتبعث نهضتنا. المهم هو تغيير محوره من الأعلى والأدنى إلى الأمام والخلف حتى تتحقق الوحدة الشاملة بالفعل بين الواقع والمثال، وليس فقط عن طريق الخيال. (6)
اعتبار المصلحة هي أساس الشرع كما وضح في علم أصول الفقه وأن «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» وأن «لا ضرر ولا ضرار»، وهي المبادئ المقررة عند القدماء. فقد قام الشرع على الحفاظ على مصالح الناس، وهي الضرورات الخمس: الدين، والعقل، والحياة، والنسل، والمال. وكل ما حافظ عليها فهو شرعي وكل ما هددها فهو غير شرعي. والاجتهاد هو إعمال الجهد للاستدلال، وإبداع حلول جديدة فيها الحفاظ على المصالح العامة.
فإذا ما استطاعت الأمة إيقاف سلبيات التراث والاستمرار في إيجابياته تحققت شروط النهضة الحضارية من الداخل دون ما حاجة إلى «التغريب». (3) سلطة التراث
والتراث ليس مكتوبا فقط، وليس حيا في شعور الناس فقط، بل يمثل سلطة قد تكون أقوى من السلطة السياسية القائمة. دخل التراث في معارك تدعيم السلطة السياسية كما دخل لتأليب حركات المعارضة. وتمثلته أيضا مختلف القوى الاجتماعية. (أ) التراث وحركات المعارضة
لما استتب الأمر للدولة الأموية أفرزت فكر السلطة أو تراث الأمر الواقع، فظهرت سلطوية التصور، وعقائد القضاء والقدر، والإيمان بالقول؛ حتى تستكين الناس وترضى بالأمر الواقع، فالمفضول أولى من الأفضل، وكل شيء في هذا الكون يتم بمشيئته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ولما كانت الدولة الأموية قد اغتصبت السلطة اغتصابا ظهرت حركات المعارضة؛ كل منها يفرز فكرها وعقائدها لتغير الأمر الواقع وكان أبرزها: (1)
الشيعة: التي ترى السلطة الأموية مغتصبة للخلافة التي تم اغتصابها قبل ذلك منذ وفاة الرسول. وصاغت عقائدها في الإمام من أجل فعالية المعارضة ونجاحها: الألوهية (الكاريسمية)، العلم الباطني ، الغيبة، التقية، العصمة ... إلخ. وبهذه العقائد يمكن تجنيد الجماهير وطاعة الإمام ونائبه كما حدث في الثورة الإيرانية. (2)
الخوارج: التي ترى أن الإمامة تكون بالاختيار والبيعة لا بالقهر والسيف والترغيب والترهيب كما حدث في الدولة الأموية، وصاغت عقائد تساعدها على المعارضة مثل العمل الذي لا ينفصل عن الإيمان، الإسلام الذي لا يتجزأ، التنزيه الخالص، وجوب الخروج على الدولة، الاستشهاد في سبيل الله كما يحدث أحيانا في الجماعات الإسلامية المعاصرة. (3)
Неизвестная страница