ومن منهجه أيضًا أنه يستخدم القرآن لتأييد معنى نحوي، وقد يذكر أسماء أعلام النحاة أو لا يذكر أحدًا منهم، مثال ذلك قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ وقوله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾، وقوله تعالى: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ والشواهد على ذلك كثيرة جدًا.
وقد ترفع في منهجه عما اختصَّ به من تضلُّعه في علوم البلاغة، فمن يعرف الجرجاني ويتصفح كتبه يكاد يجزم أنه لا يمكن أن يترك جانب البلاغة والتوسُّع به في هذا التفسير، إلا أننا لا نكاد نجد إشارات بلاغية ربما أطال فيها وهي قليلة جدًا في التفسير، نجد ذلك في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ (١) حيث أشار إلى الكناية والمجاز، وأطال الكلام فيهما. وكما في قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ...﴾ الآية (٢).
المبحث الرابع: مصادر ر المؤلف
إن المتتبِّع لكتاب التفسير هذا ومن يقلِّب صفحاته، يتبيَّن له من حيث مصادر المؤلف أنه اعتمد على أهم وأبرز المصادر التي اعتمدها المفسَّرون في كتبهم، فمما لا شكَّ فيه أن قيمة الكتاب بقيمة مصادره التي ينقل منها ليحظى الكتاب بمادة علمية رصينة، وهذا ما نجده في كتابنا هذا "درج الدرر" فهو بحقٍّ قد تحلَّى بأحلى الدرر العلمية التي رُصِّعَتْ بها مادة الكتاب حتى خرج على هذا النحو، ويمكننا أن نستعرض أهمَّ المصادر التي اعتمدها المؤلف في تفسيره، منها:
أولًا: كتب التفسير؛ حيث اعتمد على كتاب "جامع البيان في تفسير القرآن" لمحمد بن جرير الطبري. ولا شك أن هذا من أبرز التفاسير التي يمكن الاعتماد عليها، يضاف إليه كتاب "تفسير ابن أبي حاتم" وهما مصدران أساسيان لكلِّ تفسير.
_________
(١) سورة البقرة: ٤٥.
(٢) سورة البقرة: ٤٧.
1 / 57