الأربع مع اختلاف النسَّاخ مما يدلُّ يقينًا - والله أعلم- صحة نسبة الكتاب لمؤلِّفه آنف الذكر.
ثالثًا: إن من يتتبَّع أسلوب الجرجاني في كتبه المطبوعة وجوانب الطرح التي ذكرها وبسط الكلام فيها سواء الجوانب البلاغية أو النحوية يجد كثيرًا من التوافق والتشابه بينها، مع أن كتاب التفسير جنح فيه مؤلِّفه عما اعتاده من أسلوب البسط والإطناب والإطالة في عرضه للمسائل البلاغية والنحوية لأنه يدرك أن الأسلوب الأمثل لتفسير القرآن هو الاختصار ليسهل تناوله والاستفادة منه لجميع شرائح قُرَّاء الكتاب الكريم.
بل هناك بعض مؤلَّفات الجرجاني مثل كتاب "الجُمَل في النحو" وكتاب "المفتاح في الصرف" وكتاب "التتمة في النحو" وغيرها حيث استعمل الجرجاني أسلوب الاختصار على غرار أسلوب التفسير.
رابعًا: أن الحافظ الذهبي (١) ذكر أن للجرجاني كتاب "تفسير سورة الفاتحة" وأنه فسَّرها في مجلد، وهذا يدلُّنا على أن الجرجاني فعلًا طرق جانب التفسير، فإذا كان بدأ بتفسير الفاتحة فحتمًا أن يواصل مشوار في تفسير الباقي من كتاب الله كما جرت عليه عادة المفسِّرين الذين يتصدُّون لتفسير القرآن الكريم، فالأصل أن يتَمَّ القرآن برمَّته لا أن يأخذ جزءًا منه إلا أن تدركه المنية قبل إتمامه، وهذا شيء نادر والنادر لا حكم له.
خامسًا: أن الذي يقلِّب كتاب التفسير يجد أن المؤلِّف يصرح بانتمائه الفقهي لمذهب الشافعي، وانتمائه العقدي لمذهب الأشاعرة، كما في آيات الصفات التي تطرق لها، فهو شافعي أشعري، وهذا منطبق تمامًا عندما نرجع إلى من ترجم للجرجاني فإنهم ذكروا ذلك عنه.
سادسًا: يرجح بعض الباحثين أن هذا التفسير لأبي علي الحسن بن يحيى الجرجاني، وعند تتبعي لبعض من نقل عن أبي علي الجرجاني هذا ومقابلة ما ذكروه عنه من التفسير لم أجد ما ينطبق على ما بين أيدينا
_________
(١) سير أعلام النبلاء (١٨/ ٤٣٢).
1 / 52