عباد (١) (ت ٣٨٥ هـ)، فإن كان كذلك فيمكننا أن نحدِّد وقت طلب الجرجاني للعلم وأنه كان في مقتبل عمره، وقد يكون قبل البلوغ - والله أعلم.
وعلى قلة مشايخ الجرجاني فإنه كان حريصًا أشد الحرص على التحصيل وبناء شخصيته العلمية، ويشهد لذلك بروزه وشهرته وكثرة مؤلَّفاته ﵀.
ومن حيث رحلاته العلمية فإنه لم يحرص عليها ولم يُكثر منها، ولم يُعْرَف عنه أنه رحل في طلب العلم، لذا كان تحصيله للعلم لم يبرح مدينته جرجان حتى علا صيته واشتهر فأصبح تشدُّ إليه الرِّحَال فتتلمذ عليه الأئمة الكبار.
ولكننا إذا سلَّمنا أنه تتلمذ على ابن جني والصاحب بن عباد، وهذان الرجلان لم يستوطنا جرجان، فإنه يلزم من ذلك الرحلة إليهما إلى مدينة الري، وبذلك يمكن أن نسجِّل رحلةً علمية قام بها الجرجاني.
وأما من حيث بروزه في الشعر فهو لم يبرز فيه كشاعر، إلا أننا
_________
= فإِنْ أصْبِحْ بلا نسبٍ ... فعلمي في الورى نسبي
على أَنِّي أؤُولُ إلى ... قُرُومٍ سادةٍ نُجُبِ
توفي سنة ٣٩٢ هجرية، وله مؤلفات كثيرة، منها: "سر الصناعة" و"اللُّمَع" و"التصريف" و"الخصائص" و"إعراب الحماسة" وغيرها كثير.
[تاريخ بغداد (١١/ ٣١١) - يتيمة الدهر (١/ ١٠٨) - تاريخ ابن كثير (٢/ ١٣٦)].
(١) هو الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عَبَّاد، كان وزيرًا للملك مؤيد الدولة بويه بن ركن الدولة، صحبَ الوزير أبا الفضل بن العميد ومن ثَمَّ شُهرَ بالصاحب. قال عنه الحافظ الذهبي: كان شيعيًا معتزليًّا مبتدعًا، تياهًا صلفًا جبارًا، وكان فصيحًا متقعرًا، وهو القائل:
رَقَّ الزجاجُ وَرَقَّتِ الخَمْرُ ... وَتَشَابَهَا فتشاكَلَ الأَمْرُ
فكأنَّها خَمْرٌ ولا قَدَحٌ ... وكأنَّمَا قدحٌ ولا خَمْرُ
وكان له مكتبة كبيرة يحتاج في نقلها إلى أربعمائة جمل. ذُكِرَ له البخاري يومًا فقال: ومن البخاري؟!! حشوي لا يُعَوَّلُ عليه. توفي سنة ٣٨٥ هجرية، عن تسع وخمسين سنة.
[سير أعلام النبلاء للذهبي (١٦/ ٥١١) - الكامل لابن الأثير (٨/ ٣٥٢) - وفيات الأعيان (١/ ٢٢٨) - البداية والنهاية لابن كثير (١١/ ٣١٤)].
1 / 27