Арабы этого времени: страна без владельца
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Жанры
كثر الحديث في الصحف هذه الأيام عن الشريعة والدستور، وهل تترك المادة الثانية في الدستور «الشريعة الإسلامية أحد المصادر الرئيسية للتشريع» كما هي دون تعديل كما تريد الدولة، أو تبقى وتعدل في صيغة أكثر تشددا إلى المصدر الرئيسي للتشريع كما يريد التيار الإسلامي والجناح المحافظ في الإخوان المسلمين، أو تحذف نهائيا كما يريد التيار العلماني والإخوة الأقباط.
وهي قضية مفتعلة، المقصود بها ملء مادة في الصحافة، وزيادة الفرقة بين الناس، وإشعال حرب أهلية بين التيارات الفكرية والسياسية الأساسية في مصر، بين الإسلاميين والعلمانيين؛ كي يضعف جناحا المعارضة الرئيسيان في مصر، وبين المعارضة والدولة؛ لإذكاء الخلاف حول موضوع فقهي نظري صرف لإبعاد النظر عن سياسات الدولة؛ التبعية والتحالف في الخارج، والقهر والفساد في الداخل. تخرج فيها الدولة منتصرة على خصومها السياسيين لتظهر أمام الناس كأنها الحامي للوحدة الوطنية، والتي تمثل الاعتدال والتوسط ضد التطرف والعنف.
ليس المقصود هو الظاهر، الخلاف على مادة في الدستور، بل تكشف صراعا مكبوتا على السلطة بين الإسلاميين والعلمانيين، وإشعال الحرب بين الإخوة الأعداء. كل فريق يتصور أنه الوريث للدولة الأمنية والنظام السياسي الحالي الذي وصل إلى طريق مسدود متوقفا عن السير، تدب فيه عناصر التفكك الاجتماعي والسياسي، وتتحول إلى شلل متصارعة وجماعات ومصالح متضاربة. المقصود أيضا كسب الدولة معركة تعديل الدستور ضد خصومها السياسيين. وكلها، المعارضة والدولة، تتملق أذواق الجماهير وقناعتها بالإسلام، عقيدة وشريعة، ويزايد كل فريق على الآخر؛ يزايد الإسلاميون على العلمانيين في المحافظة على التراث والدفاع عن الهوية وتطبيق الشريعة الإسلامية وإيمان المجتمع، ويزايد العلمانيون على الإسلاميين في الحداثة والمدنية والمواطنة. خطاب الفريق الأول موجه إلى الداخل لكسب الأصوات، وخطاب الفريق الثاني موجه إلى الخارج لكسب الدعم الخارجي. وتزايد الدولة على خصومها السياسيين تعبيرا عن الإجماع الوطني والرؤية الوسطية التي تلم الشمل وتحمي الوحدة الوطنية.
وهي قضية نظرية خالصة لا ينتج عنها أي أثر عملي؛ فسواء بقيت هذه المادة في الدستور أم ألغيت، وسواء ظلت على صياغتها التوافقية الحالية أم عدلت نحو أحد التيارين المتعارضين، فإن الدولة الأمنية باقية. والأمر كله مجرد ذر للرماد في العيون؛ فالدولة أول من يخرق بنود الدستور، بقانون الطوارئ والحبس الاحتياطي الذي يتجدد بمجرد إفراج النيابة عن المعتقلين لمدة أسبوعين، بحد أقصى ستة شهور؛ أي اثنتا عشرة مرة! ورجال الدولة، وهم رجال الأعمال، هم بؤرة الفساد. يجمعون بين السلطة والثروة، ويتعاملون مع الخارج قبل الداخل. كل ذلك إشعال للناس وللرأي العام بعيدا عن سياسات الدولة الخارجية، وترك العراق يذبح على مدى أربع سنوات، وفلسطين يصفى دم شعبها منذ الانتفاضة الأولى على مدى عشر سنوات، واحتلال الصومال، ومخاطر تفتيت السودان، وتهديد سورية وإيران وحزب الله والمقاومة في لبنان. كما أنه إبعاد لهم عن قضايا القهر والفساد وتزوير الانتخابات والمواجهة مع الإخوان والقضاء والجامعات والنقابات والاتحادات وأحزاب المعارضة وحركات المجتمع المدني.
إن الشريعة ليست كلا صامتا جامدا ثابتا متحجرا صلبا عبر التاريخ، بل هي متجددة متغيرة بتغير الظروف والمصالح، وبتبدل الزمان والمكان. الشريعة تعبير عن واقع كما يتضح ذلك من «أسباب النزول». الواقع يسأل، والشريعة تجيب
يسألونك عن الأهلة (البقرة: 189)،
ويسألونك عن المحيض (البقرة: 222)،
يسألونك عن الخمر (البقرة: 218)،
يسألونك عن الأنفال (الأنفال: 1)، والإجابة
قل .
Неизвестная страница